هل أنت محصّن من وحدتك؟
كثيراً ما نحتاج أن نعرف ما هي القيمة التي يحملها لنا مَن حولَنا. هل هناك من يصغي، وهل ما نقوله يعني شيئاً ما لأحد ما في زمن ما؟
علينا أن نتشارك هواجسنا أحلامنا وخوفنا. ولكن مجرد التفكير في الأمر قد يودي بنا لحافة الرعب، هل من نودهم يأبهون لما نعانيه؟ كثيرون منا يعبرون آلامهم بصمت، وحين يترقبون الاهتمام من الآخر، يضحون أكثر اهتياجاً، وقد يستبد بهم الغضب أو مشاعر الضعف والرفض ويشتعلون بسكون.
هل جرب أحدنا أن يحشد أخيراً ما يكفي من الشجاعة ليتقاسم كل هذا الضجيج الداخلي مع من يهتم لأمرهم؟ هل سيدرك أن أسباب ابتعادهم قد تصب في طاقته المتبددة، وأنه هو من أخرج الآخرين من ساحات حياته المقلقة؟ هل يتعرف على نفسه، حين يكون خطر تصدع ثقته هو الذي يفقده توازنه، فيتعثر أمامهم بمشاعره الحقيقية، وخوفه، وضعفه وسلبيته. هل يعي مدى ضرورة سلامته العاطفية ليشعر بالراحة ويستعيد جاذبيته!
تقاسم المشاعر
بالنسبة لنا تعودنا أن نشعر بالراحة حين نتشارك أعمق مشاعرنا ساعين للأمان. نريد من الشريك أو الصديق أن يكون الشخص المقدس المستعدون أمامه للكشف عن أسرارنا وهواجسنا الحساسة، رافضين منه الحكم أو الانتقاد، وقد نتسول منه بطريقة غير مباشرة التعاطف والدفء والرعاية. إضافة إلى هذا فإننا جميعاً نميل لحماية أنفسنا من الحوادث والأشياء التي تضر بنا. وفي معظم الأحيان تجرفنا قلوبنا بعيداً ونتجاهل سلامتنا العاطفية. تكون ردات فعلنا الأكثر تهديداً لنا والأشد خطورة. تخدعنا أحاسيسنا تجاه الأشخاص أو الأشياء فننكفئ وننعزل، وتكون الخسارات كبيرة.
النضوج
(أنا ناضج ومتحضر) نعتقد هذا، لكن حين يبدأ الشعور بعدم الأمان، نصغر ونتراجع ونصبح فتيات وفتياناً صغار خائفين. وتصير المشاعر الواضحة المستقرة عكس ما كانت عليه. علينا أن نفهم ذواتنا، أن نحافظ على الثوابت التي وصلنا إليها عبر تجارب نضوجنا. أن نساهم أكثر في ترتيب أحساسينا، في تحليلها وتقييمها. لا يمكن أن يمضي بنا العمر ونحن مثل رايات فقدت ساريتها تخطفها الريحُ بكل اتجاه.
التخلي عن قمع أرباب الطفولة
إن كل ما يُنظر إليه تهديد حالي، ما هو إلا ترسبات تنتقل معنا من طفولتنا. ومشاعرنا المقموعة منذ تلك الأيام أو المصاغة بشكل أو بآخر من قبل المحيط الأكبر، تحتاج أن تشب عن الطوق. الطفل المقموع، الذي لم يُصغ إليه، لم يمنح حرية الرأي والتعبير عن حبه وبغضه. (اليجب واللايجب)، قوانين القبيلة والعائلة الصارمة، كلها أسباب للكآبة والمشاعر السلبية والقلق لشاب وكهل القادم.
إنه الطفل الذي ينشأ على أن يكون خارج البيت (جيداً)، و(سعيداً). الذي تعلم إخفاء جميع الصفات والمشاعر السيئة. ذاك الذي يتوق لا شعوريًا للأمان وخسر عبر سنينه مساحات الحرية النفسية كاملة. الذي سيدرك لاحقاً أن التعامل مع العالم بفضائحه وقسوته ستثبت له كم هو هش وضعيف .
التواصل الأعمق
(يمكن للقارب أن يبقى بمأمن على الشاطئ، لكن ليس هذا الهدف الذي صُنع من أجله). علينا أن نأخذ أنفاساً عميقة من الشجاعة، الانفتاح وتطوير الصلات لنصل أماناً عاطفياً وعلاقات مجتمعية متوازنة.
أياً كانت الظروف، طبيعة المشاعر، أو ماهية تفاعلنا مع ما يجري، علينا التوقف عن اجترار الهواجس الماضية. التهديد والخطر حاضران أبداً، لكن ملاحظة استجابتنا،البدء بمشاركة الآخرين والحد من تدفق الخوف والقلق، واجبات ضرورية تجاه سلامتنا العاطفية، علينا خلق عالم أكثر وضوحاً واستقراراً مع من نحبهم.