الهبّة الشعبية توحّد فلسطين من الناقـورة إلى غـزة
تتصاعد المواجهات التي يخوضها الفلسطينيون لاستعادة حقوقهم المشروعة، وقدشاركت غزة، بدمائها في الهبة الشعبية الفلسطينية المستمرة، فامتزجت الدماء على حدودها مع الأرض المغتصبة بدماء الشهداء والجرحى في القدس وكل ربوع الأرض المقدسة. وأحصى فلسطينيون مواقع الاشتباك مع قوات الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة في العام 1948, فزادت على أربعين موقعاً.ودفع استمرار الهبة الفلسطينية واتساعها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتغيير موقفه من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ودعوته إلى تهدئة الحلبة.
واستشهد ستة فلسطينيين وأصيب 60 آخرون بجروح حينما خرجت تظاهرات في قطاع غزة لتشارك في الهبة الشعبية نصرة للقدس وأهلهم في الضفة الغربية. وتوجهت المسيرات بعد صلاة الجمعة نحو المواقع العسكرية الإسرائيلية في عدة مواقع في شمال ووسط القطاع تخللتها محاولات لاقتحام الجدار الأمني الفاصل. وكسر الفلسطينيون بهذه التظاهرات الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي تحظر اقتراب الفلسطينيين مسافة خمسين متراً من السياج الحدودي. كما استشهد فلسطيني في الخليل، وأصيب ما يقرب من 90 في مواجهات عمّت الضفة الغربية والقدس المحتلتين.
واستمرت المواجهات في العديد من مناطق القدس والضفة الغربية ونفذ فلسطيني عملية طعن ليهودي في القدس الشرقية. كما جرت عملية طعن أخرى لجندي في حرس الحدود الإسرائيلي في مستوطنة كريات أربع قرب الخليل. وتحدثت الشرطة الإسرائيلية عن ثلاث محاولات طعن جرت خلال ساعة واحدة. ومعروف أن انتقال الشباب الفلسطينيين لتنفيذ عمليات طعن ودهس حطم شعور الإسرائيليين بالأمان الشخصي.
وفي كل حال، فإن سقوط الشهداء في غزة ينذر باحتمال انتقال المشاركة في الهبة من العمل الشعبي إلى العمل المسلح. وقد هدد قادة من حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي) بأمر من هذا القبيل، وهو ما دعا وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون للتحذير من الانزلاق إلى مواجهة مسلحة في غزة. وقد حمّل يعلون حركة (حماس) المسؤولية عن استشهاد الفلسطينيين الستة على الحدود، وقال إنها هي من سمحت لهم بالوصول إلى السياج الحدودي. وطالب يعلون بتذكر نتائج حرب السنة الفائتة على قطاع غزة.
وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية قد أعلن في خطبة الجمعة في غزة أن (الانتفاضة هي الطريق الأوحد نحو التحرير بعد الضياع في طريق المفاوضات). وأضاف: (إن المفاوضات انتهت بقرار أمريكي صهيوني، ويجب أن يكون قرار فلسطيني بوقف المفاوضات ووقف التنسيق الأمني مع العدو واحتضان الشعب والمقاومة).
وأحصى فلسطينيون مواقع الاشتباك مع قوات الاحتلال بما يزيد عن أربعين موقعاً من رفح جنوبا إلى الناقورة شمالاً، من بينها رفح وخانيونس وغزة وبيت حانون والخليل وبيت فجار وإذنا وحلحول وبيت أمّر وبيت لحم والقدس والعيزرية والعيسوية وشعفاط وعناتا وأريحا والبيرة وبلعين والنبي صالح ودير نظام وسلواد وسنجل اللبن والمغير وطولكرم وعزوان وحواره وبيت فوريك وعاطوف وجنين والعفولة، فضلاً عن طمرة، وشفا عمرو، ويافا، والناصرة، وأم الفحم.
ونظراً لاتساع الهبة الشعبية وانضمام قطاعات ومناطق جديدة لها في الضفة والقطاع وأراضي ،48 بما يذكر بالانتفاضتين الأولى والثانية، تحدث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنبرة قلقة في مؤتمر صحافي. واعتبر نتنياهو أن إسرائيل تتعرض لخطر كبير، ما يتطلب من أحزابها السعي لإنشاء حكومة واسعة. واعتبر بعض المعلقين كلام نتنياهو معبراً عن الأزمة بينه وبين اليمين المتطرف ممثلاً بـ(البيت اليهودي) في ائتلافه الحكومي الذي يدعو إلى تصعيد المواجهة مع الفلسطينيين. وذهب بعض أنصار (البيت اليهودي) إلى التهديد بالتصويت في الكنيست ضد الحكومة نظراً لليونة التي تبديها في التعامل مع الهبة الشعبية الفلسطينية. وكان جلياً أن اضطر نتنياهو في مؤتمره الصحافي الأول الذي عقده منذ بداية الموجة الحالية من الهبة الشعبية قبل ثلاثة أسابيع إلى الحديث عن الحاجة إلى تشكيل حكومة موسعة مع (المعسكر الصهيوني)، وذلك (بسبب ما يجري في الشرق الأوسط)، وبسبب الحاجة إلى التوحد في ضوء ما أسماه تعاظم (موجة الإرهاب). وثمة مصدر لقلق نتنياهو الكبير وهو انتقال المواجهات إلى أراضي العام 1948. وقد حمل نتنياهو بشدة على الجناح الشمالي في (الحركة الإسلامية) برئاسة الشيخ رائد صلاح، وقال إنه سيعمل على إخراجها عن القانون.