الأحلام المجنحة.. آمال السوريين في الحكومة الجديدة

يقول السوريون وخاصة المظلومين منهم في هذه الحرب: إن إكليل الشوك الذي وضعه تجار الحروب من الدول الكبرى على رؤوسنا بالقوة هو أجمل من تاج بهرام، وإن المسامير في أكفّنا التي حفرها المتأسلمون القادمون من الوهم وضباب الفتن لهي أسمى وأفخم من صولجان المشتري ، وإن أوجاع قلوبنا ونُحول أجسادنا بفعل أطماع تجارنا لهي أسنى لمعاناً من قلائد عشتروت، وإن اغتسالنا بدموعنا سيجعلنا أنقياء إلى نهاية الدهور، وإن آمالنا التي وضعناها بأداء الحكومة التي من المفترض أنها حكومة حرب لم ترتق إلى مستوى تطلعاتنا وتلبية احتياجات أطفالنا، ولم تسعَ لتدارك أهوال الأزمة وتبعاتها أو التخفيف منها، فالمفروض من حكومة كهذه وفي ظروف كهذه الظروف أن تكون على قدر الآمال المرجوة منها في هذه الأوضاع الاستثنائية، وأن تراعي أولاً وأخيراً تلبية احتياجات المواطنين بأسعار مقبولة وليس أسعار تكسر القلوب قبل الجيوب، وما معاناتنا من انقطاع الكهرباء وجنون أسعار الغذاء والدواء وتسلط التجار وقضايا الدولار وعدم محاسبة الفاسدين والمرتشين في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها، والتراخي في عدم الالتزام والوفاء بالعهد الذي قطعته الحكومة وأقسمت على تحقيقه، إلا جزء من خيبة آمالنا بالحكومة السابقة، وبالمقابل بصيص من نور بولادة حكومة نأمل أن تكون على مستوى آمالنا وإيماننا بنصر بلدنا.

هكذا يعبر السوريون عن أملهم بحكومة جديدة قادمة، وأن تكون على مستوى القسم الذي تقسم به أن تحفظ وترعى أحوال أبناء الشمس السوريين المظلومين من حروب الاستعمار والدول الكبرى ، وقد كان جل مطالب الشعب السوري تتركز على أملهم بالحكومة الجديدة في تحسين ظروف المعيشة أولاً وأخيراً بعدما عانوه من تجويع وفقر ونقص حاد في الخدمات، إلا أن المطلب الأكبر من الحكومة الجديدة كان على لسان المعلمة سارة ر، وهي معلمة لغة انكليزية في أحد أرياف جبلة، فقد طالبت الحكومة من خلال جريدة (النور) أن تولي قطاع التعليم أهمية قصوى لما له من دور كبير في تربية جيل الحرب هذا الذي شهد الويلات والموت، فيما يصر بعض مديري المدارس على تشويه نفسية التلميذ السوري وتربية عقله على الواسطات والعلامات التي تفرض على المعلمة، لرفع مستوى طلاب معينين، وليخلق جيلاً فاسداً تعود الواسطات حتى يصل إلى بؤرة الفساد الأكبر: المراكز الامتحانية حيث تباع الأسئلة وتشترى ويذهب جهد الطالب هباء منثوراً مقارنة مع من يقدر أن يدفع لينجح. وتتساءل سارة: ما هذا الجيل الذي سينشأ وهو لا يفقه شيئاً في المنهاج؟ أليس هذا الجيل هو أملنا الواعد؟

ولدى سؤالنا لمواطن نازح من حلب ويقطن في اللاذقية عن مطالبه من الحكومة الجديدة أجابنا أن جل مطالبه تتركز على وصول المساعدات التي هي من أبسط حقوقه، لأن المساعدات أصبحت تذهب في هذه الأيام إلى غير مستحقيها، والأبشع من هذا أن بعض ضعاف النفوس يبدلون المساعدات بنوعيات رديئة معظمها يحوي حشرات في داخله كالحمص والعدس والأرز، كما طالب بدراسة مشروع لبناء مساكن لمتضرري الحروب ،أما السيد مؤيد ع. فقد طالب الحكومة الجديدة باهتمام أكبر بالفلاح وخاصة أن فلاحي الساحل قد تضرروا كثيراً من انهيار أسعار الحمضيات التي يعتمدون عليها في دخلهم والتي تركها بعض الفلاحون في الأرض تبلى ولم يقطفوها لأن الصندوق البلاستيكي الذي تعبأ به الحمضيات كان أغلى ثمناً من الحمضيات نفسها. ولذا يعتبر السيد مؤيد أن هذه حرب جديدة تمارس على الفلاح المسكين سببها الأول والأخير قرارات الحكومة السابقة المجحفة. ولدى سؤالنا للمهندس عمار د. عن آماله بالحكومة الجديدة ومطالبه منها أجاب: إن الهم الأكبر لنا كمهندسين هو تحقيق التكافؤ على الصعيد المعنوي، لأن ما يقتل الإبداع عندنا هو (الواسطات) وتقديم غير الكفء على المميّزين المبدعين، واشتكى من الرشا والفساد الذي لابد من استئصاله، وعسى أن يبدأ به أعضاء الحكومة الجديدة.

أما السيدة نهى ن. فقد تمنت على الحكومة الجديدة أن تولي المرأة انتباهاً أكبر في ظل ما عانته من ظروف قاهرة من تشريد وفقدان للأعزاء من حولها ومن فقر وضنك، وأن ينهض بواقع المرأة ويؤخذ بيدها لتعود فاعلة كما كانت، ولا مانع من دورات تدريبية ونفسية تساعد المرأة على تخطي واقعها المرير لواقع أفضل، وطلبت أيضاً قروضاً خاصة صغيرة لتبدأ المرأة به مشروعها الذي يدر عليها المال ويخرجها من كآبتها بعد ما تعرضت له خلال الحرب..

أمنيات وأحلام مجنحة هي جل ما طلبه السوريون في اللاذقية تحديداً من حكومتهم الجديدة، والدعاء دائماً لسورية أن تنهض من تحت الركام وتعود أقوى بفضل المخلصين من أبنائها أبناء الشمس…

العدد 1140 - 22/01/2025