يونس نوري..العامل الشيوعي الدمشقي الذي رفع راية الحزب باستمرار

يونس نوري، الشيوعي الدمشقي، عامل المطبعة المعروف، الذي لمع اسمه في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي، كأحد المناضلين المعدودين في صفوف الحزب الشيوعي، والحركة النقابية آنذاك، ولد في العشرينيات من القرن الماضي، وقد انخرط في صفوف الحزب من المنطلقات الطبقية التي كانت هي السمة الأساسية التي ميزت الحزب، الذي أعلن منذ نشوئه عن هويته العمالية بوضوح.

لقد استطاع الحزب أن يستقطب العديد من العمال الطليعيين في دمشق، وكان من بينهم عامل المطبعة يونس نوري، الذي ربط مصيره بالشيوعية منذ انتسابه. كان له دور هام بنشر أفكار الحزب في أوساط عمال المطابع، وقد حاز على احترامهم وحبهم العميق، بحيث أصبح للحزب نفوذ واسع بين صفوف عمال الطباعة في دمشق، وانعكس ذلك في النشاط النقابي، فقد لعب الشيوعيون دوراً قيادياً في هذه النقابة ذات التقاليد النضالية العريقة.

كان نشاط يونس نوري في منظمة دمشق بارزاً، وكانت تربطه علاقات نضالية وثيقة مع الكثير من النقابيين الشيوعيين البارزين آنذاك، كجبران حلال وحنين شاغوري وجوزيف بركات وعز الدين ساطع وحسن دورو وسعاد الأستاذ وداود رستم وشفيق حسن آغا ونجاة قصاب حسن وحفظي البيروني وإبراهيم بكري وبهجت بكداش وغيرهم.. كان عمل الحزب سرياً وملاحقاً آنذاك من قبل السلطات الفرنسية، وكان توزيع المناشير يجري في الليالي وبحذر شديد.. وكان ليونس نوري دور هام في طباعة هذه المناشير.. كانت اجتماعات هؤلاء الشيوعيين تعقد في بساتين دمشق، وبصورة مدروسة بدقة، وهناك كانت تقرر اتجاهات الفعاليات النضالية اللاحقة.

الوضع في البلاد كان صعباً ومعقداً جداً في نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، فالحرب العالمية الثانية قد بدأت، وألمانيا الهتلرية تحتل أوربا، وكانت المفوضية الفرنسية في سورية موالية للنازية، وقد أخذت بملاحقة القوى الوطنية، وبالدرجة الأولى الحزب الشيوعي السوري، وزجّت قادته في السجون، ولم تكن الأوضاع قد توضحت آنذاك للشعب، الذي كان معادياً بقوة للاستعمار الفرنسي، وقد ظهر بعض التعاطف مع ألمانيا لأنها استطاعت أن تقهر فرنسا.

كان الحزب سباقاً في فضح النازية، التي كانت تشكل الخطر الأكبر على الإنسانية.

إذاً، لم يكن نضال الشيوعيين سهلاً، وكان يونس نوري أحد الشيوعيين الذين خاضوا النضال في تلك الظروف الصعبة برجولة وتضحية، رغم القمع والملاحقات.

إن الفترة التي امتدت من عام 1937 إلى 1941 كانت من الفترات الاستثنائية التي عاشها الشيوعيون، فالديماغوجية الألمانية التي أعلنت أنها تمد يد الصداقة للشرق العربي، قد ضللت الكثيرين، وقد كان عمل الشيوعيين بين الناس صعباً جداً، ولذلك ستبقى المأثرة التي سطرها شيوعيو تلك الفترة جزءاً من التراث الوطني للشيوعيين الذين يجب أن يعتزوا به، ويجب أن تبقى أسماء من خاضوا هذا النضال في الذاكرة دائماً، ومن بينهم يونس نوري.

العدد 1140 - 22/01/2025