كي لا ننسى..رسلان حلاق.. مناضل اقترن لديه القول بالفعل
في 8/12/1999 يتوقف قلب رسلان الحلاق، هذا الشيوعي الذي أعطى كل ما يستطيع أن يقدمه، والذي كرس حياته الواعية لخدمة الطريق الذي اختاره طوعاً، طريق النضال من أجل مصالح الشعب الكادح، ومن أجل حرية الوطن وتعزيز استقلاله.
فقد ولد عام 1937 في أسرة كادحة، كافح منذ يفاعته من أجل لقمة العيش، وفي ظروف قاسية جداً بالنسبة له، هو الطفل الكبير الذي كان يجب عليه أن ينخرط في معركة الحياة التي لا تعرف الرحمة، وكان عليه أن يخوضها من أجل أسرته، من أجل أن يؤمّن لها أبسط متطلبات الحياة، بيد أن طموحه للمعرفة لم يكن له حدود، ومن أجل ذلك كان يستغل كلّ فرصة من أجل العلم والتعلم، واستطاع بعد جهود كبيرة أن يحصل على الشهادة الإعدادية، وعمل بعد ذلك معلماً في الجزيرة، وتابع دراسته الخاصة، فحصل على الشهادة الثانوية، ثم استطاع فيما بعد أن يحصل على الإجازة الجامعية في مجال علم التاريخ، إلا أن مهنة التعليم بقيت مفضّلة لديه واستمر فيها طوال حياته.
في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ينتسب الشاب رسلان إلى الحزب الشيوعي السوري، منسجماً مع مثُله، وحبّه لشعبه ولأبناء طبقته الكادحة. ولقد بقي وفياً للحزب حتى آخر لحظة من حياته. إن نضالاته الدؤوبة، سواء في المجال الوطني أو الاجتماعي أو الديمقراطي، قد أكسبته الاحترام والحب من رفاقه في منظمة الحزب في السلمية، وكذلك من جماهير بلدته التي وجدت فيه مدافعاً صلباً عن مصالحها، وعن مستقبلها. إن كل ذلك قد دفع برفاقه لانتخابه سكرتيراً للجنة المنظمة الفرعية في أواسط الستينيات من القرن الماضي، ولقد تميز خلال فترة قيادته لها بنشاطه الذي لا يكل من أجل الدفاع عن كادحي بلدته، ومن أجل توسيع نطاق الأفكار التنويرية فيها، ومن أجل إقامة روابط مشتركة مع كل من يهمّه تقدّم البلاد، وتعزيز استقلالها وتوطيده، ودفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام لتحقيق التنمية الاجتماعية.
لقد جعل هذا المناضل منزله مركزاً لالتقاء رفاقه لممارسة نشاطاتهم وأعمالهم الجماهيرية والحزبية، وكذلك مركزاً للالتقاء بالناس وبالقوى السياسية الأخرى من أجل إيجاد قواسم مشتركة تخدم تطور الوطن وتقدمه على جميع الصعد. ولقد ودّعته مدينته بموكب مهيب شارك فيه لا الشيوعيون فقط، بل شارك فيه أيضاً اليساريون والتقدميون على اختلاف ميولهم ونزعاتهم، وقد عكست المشاركة في هذا الموكب مقدار الاحترام العميق الذي تكنّه جماهير بلدته وقواها السياسية وتياراتها الفكرية لهذا المناضل الذي كرس حياته لخدمة الناس، وإعلاء شأنهم في كل المجالات، وستذكر جماهير بلدته دائماً بحب واحترام ابنها، الذي قدم لها كل ما يستطيع أن يقدمه مناضل.