41 عاماً على ذكرى يوم الأرض
أحيت الجماهير الفلسطينية في فلسطين والشتات في الثلاثين من آذار للعام ،2017 الذكرى الـ41 لـ(يوم الأرض)، الذي جاء بعد هبّة الجماهير العربية داخل أراضي ،1948 معلنة صرخة احتجاجية ضد الاستيلاء على الأراضي، والاقتلاع، والتهويد التي انتهجتها إسرائيل، وتمخض عن هذه الهبّة ذكرى تاريخية سمّيت (يوم الأرض).
وتعود أحداث هذا اليوم إلى عام ،1976 بعد استيلاء سلطات الاحتلال الإسرائيلي على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين داخل أراضي عام ،48 وقد عم إضرابٌ عامٌّ، ومسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، وإصابة واعتقال المئات.
يشار إلى أن الشرارة التي أشعلت الجماهير العربية ليوم الأرض، كانت بإقدام السلطات الإسرائيلية على الاستيلاء على نحو21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل، ومنها عرابة، سخنين، دير حنا، وعرب السواعد، وغيرها في عام 1976؛ وتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات، في نطاق خطة تهويد الجليل، وتفريغه من سكانه العرب، وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في الداخل، وخصوصاً المتضررين المباشرين، الإضراب العام في يوم الثلاثين من آذار.
وفي هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل، والمثلث، إضراباً عاماً، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين، والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين، وعرابة، ودير حنا. وتفيد معطيات لجنة المتابعة العليا – الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- بأن إسرائيل استولت على نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى عام ،1976 ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.
وبذلت إسرائيل جهوداً لمنع انطلاق فعاليات نضالية، لكن رؤساء المجالس البلدية العربية أعلنوا الإضراب العام في اجتماع يوم 25 آذار 1976 في مدينة شفا عمرو.
وجاء قرار (لجنة الدفاع عن الأراضي العربية)، التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 تشرين الأول ،1975 إعلان الإضراب الشامل، رداً مباشراً على الاستيلاء على أراضي المل (منطقة رقم 9)، ومنع السكان العرب من دخول المنطقة، بتاريخ 13/2/1976.
الاستيلاء على الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها مطلع 1976 بذرائع مختلفة، تجد لها مسوغات في (القانون)، و(خدمة الصالح العام)، أو في تفعيل ما يعرف بـ(قوانين الطوارئ) الانتدابية.
وكان صدور وثيقة (كيننغ) في 1/3/ 1976 عن متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية (يسرائيل كيننغ)، وهي وثيقة سرية، سمّيت فيما بعد باسمه، وتستهدف إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين، والاستيلاء على أراضيهم، وتهويدها، واحدة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب.
ودعت وثيقة (كيننغ) في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل، والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراض زراعية، وبمحاصرتهم اقتصادياً، واجتماعياً، وبتوجيه المهاجرين اليهود الجدد للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب.
وركزت على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب عربي يعتبر (أخاً) لحزب العمل، ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية، وإيجاد إجماع قومي يهودي داخل الأحزاب الصهيونية، حول موضوع العرب في إسرائيل.
وكان الرد الإسرائيلي عسكرياً شديداً على هبة (يوم الأرض)، باعتبارها أول تحدٍّ، ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطينية عام ،1948 فقد دخلت قوات معزّزة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات، إلى القرى الفلسطينية، وأعادت احتلالها، موقِعةً شهداء وجرحى بين صفوف المدنيين العزّل، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص، 4 منهم قُتلوا برصاص الجيش، واثنان برصاص الشرطة.
وسعت إسرائيل إلى إفشال الإضراب لما يحمل من دلالات تتعلق بسلوك الأقلية العربية كأقلية قومية حيال قضية وطنية ومدنية من الدرجة الأولى، ألا وهي قضية الأرض. فقد عقدت الحكومة اجتماعاً استمر لأربع ساعات، تقرر فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن العربية للرد على الإضراب والمظاهرات. كما قامت قيادة اتحاد العمال الإسرائيلي (الهستدروت) بتحذير العمال وتهديدهم باتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم، وقرر أرباب العمل في اجتماع لهم في حيفا طرد العمال العرب من عملهم، إذا ما شاركوا في الإضراب العام في يوم الأرض. كذلك بعث المدير العام لوزارة المعارف تهديداً إلى المدارس العربية لمنعها من المشاركة في الإضراب.
رغم مرور ( 41 عاماً) على هذه الذكرى، لم يملّ فلسطينيو أراضي ،48 الذين أصبح عددهم أكثر من 1,3 مليون نسمة، بعدما كانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948 من الاحتفال (بيوم الأرض)، الذي يُجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وانعطافة تاريخية في مسيرة بقائهم، وانتمائهم، وهويتهم منذ نكبة ،1948 تأكيداً لتشبّثهم بوطنهم وأرضهم.
ولم تكتف السلطات الإسرائيلية بالاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الذين أُبعدوا عن أرضهم، بل عملت تباعاً على الاستيلاء على ما تبقى من الأرض، التي بقيت بحوزة من ظلوا في أرضهم.
يذكر أن إسرائيل استولت خلال الأعوام ما بين عام 1948 و 1972 على أكثر من مليون دونم، من أراضي القرى العربية في الجليل، والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت عليها بعد سلسلة المجازر المروّعة، وعمليات الإبعاد القسّري، التي مورست بحق الفلسطينيين عام 48. ويعتبر يوم الأرض نقطة تحول في العلاقة بين (السلطة الإسرائيلية)، والعرب بالداخل، إذ إن إسرائيل أرادت بردّها أن تثبت للجماهير الساخطة مَن هم (أسياد الأرض)، وكان هذا التحدي العلني الجماهيري الأول للكيان المحتل من قبل الجماهير الساخطة، باعتقاد العديد أن (يوم الأرض) ساهم بشكل مباشر بتوحيد وتكاثف وحدة الصف الفلسطيني في الداخل على المستوى الجماهيري، بعد أن كان في العديد من الأحيان السابقة نضالاً فردياً لأشخاص فرادى، أو لمجموعات محدودة. كما كان هذا الرد بمثابة صفعة وجرس إيقاظ لكل فلسطيني قبل بالاحتلال الإسرائيلي عام 1948.
ومنذ عام 1976 أصبح يوم الأرض يوماً وطنياً في حياة الشعب الفلسطيني، داخل فلسطين، وخارجها، وفي هذه المناسبة تشهد تحركات شعبية فلسطينية عديدة تؤكد وحدة شعبنا، وحقه في أرضه، رغم شراسة الهجمة الإسرائيلية. وأشار الجهاز المركزي للإحصاء في فلسطين، أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية، والبالغة حوالي 000,27 كم،2 إذ لم يتبقَّ للفلسطينيين سوى حوالي 15% من مساحة الأراضي فقط، وبلغت نسبة الفلسطينيين 48% من إجمالي السكان في فلسطين التاريخية.
واستعرض الإحصاء في بيان، عشية هذه الذكرى، أبرز المعطيات المتعلقة بالأرض الفلسطينية، موضحاً أن 40% من مساحة الضفة الغربية حوّلتها سلطات الاحتلال إلى أراضي دولة.
وبلغت مساحة هذه الأراضي في ذاك الوقت ما يقارب 527 ألف دونم، ومع نهاية عام 1973 قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بإضافة أكثر من 160 ألف دونم كأراضي دولة، واستمرت بسياستها، الهادفة لنهب الأرض الفلسطينية.