هنا دمشق من القاهرة..هنا القاهرة من دمشق!
ضع مذياعاً صغيراً في جيبك، وافتحه عندما تشعر أن وقتاً عصيباً يمر في حياة بلادك.. بسرعة، يترامى إليك صوت قوي، تعرفه جيداً، هو صوت إذاعة دمشق… يقول لك الصوت:
– لا تخف.. ففي كل صفحة من التاريخ حكاية عن كرامة هذه البلاد وصبر أهلها ودفاعهم حتى الموت من أجل عزتها!
تتردد العبارة كثيراً:
– هنا دمشق.. إذاعة الجمهورية العربية السورية..
تأتيك العبارة بين فترة وأخرى، وفيها دفء الانتماء إلى وطن، وسخونة الحديث عن التاريخ، وهذه المرة، يجيء الحديث من مصر.. ونعرف جميعاً كم هي المحبة كبيرة بين المصريين والسوريين..
كنا نتوقع أن نقرأ هذا الذي قام به الشعب المصري في محافظة الدقهلية المصرية.. حتى لو كانوا عشرة أو مئة أو ألف أو عشرة آلاف أو مليون.. فإن صوتهم لابد أن تنقله الوديان والجبال وأمواج البحر إلى العرب والعالم.. تجمّع هؤلاء المصريون، وهتفوا:
– هنا دمشق من القاهرة…
يا ألله..! ما أجمل هذه العبارة في ذاكرة العرب.. شكراً لكم يا إخوتنا في مصر.. شكراً لوفائكم تجاه شعب سورية الذي يقاتل عن كل العرب منذ سنوات خمس والحرب عليه لا تهدأ..
يحتاج العرب هذه الأيام إلى تذكّر معنى مايردده المصريون هذه الأيام، فكل حروب العالم لم تستطع هزيمة وجدانهم وكرامتهم، والنبض الذي يعلو في قلوبهم سيظل في كل مرة يتعرض فيه الجسد العربي للوهن أو للضعف أو لغزو خارجي..
أتعرفون قصة هذه العبارة التي أطلقها شعب مصر قبل أيام؟! هذه هي القصة:
عندما بد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بعد قيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وعندما كان شعب مصر يقاوم ببسالة أكبر غزوة حديثة على بلاده.. عند ذاك انتقل بث إذاعة صوت العرب من القاهرة إلى إذاعة دمشق.. وقالت إذاعة دمشق:
– هنا القاهرة من دمشق!
تماماً كما ردد المصريون قبل أيام:
– هنا دمشق من القاهرة!
تلك لحظة لاينساها العرب أبداً..
وفي واحدة أخرى.. يوم قامت إسرائيل بقصف إذاعة دمشق.. لم يتوقف بث إذاعة دمشق.. كان صوت المذيع يردد:
– هنا دمشق.. هنا دمشق..!
ويومذاك، كان السوريون يخوضون حرب تشرين مع المصريين في قلب واحد عنوانه:
– هنا دمشق من القاهرة، وهنا القاهرة من دمشق!