سورية الجلاء.. والعدوان.. والمستقبل
في عيد أعياد السوريين، في السابع عشر من نيسان، نقف لنتذكر، لا التضحيات الهائلة، فحسب، التي بذلها ثوارنا الأشاوس في مواجهة الاستعمار الفرنسي، بل لنأخذ أيضاً العبر ونراجع الدروس.
نقف أمام وحدة السوريين بجميع مكوناتهم، نقف أمام نكران الذات في سبيل المصلحة العليا للوطن، نقف أمام حلم وطموح راود ثوارنا الأبطال بأن يمهدوا الطريق لبناء وطن حرّ، سيّد، لجميع السوريين الذين هبّوا من أرض الثورة في الجبل، وتلاقوا مع الثوار في جبال الساحل، في غوطة الشام، في الصحراء والبادية، ولترتفع بعد ذلك إلى السماء حناجر السوريين: كرمى لترابك يا شام!
لقد كان الجلاء بداية الطريق، وفتح أمام سورية والسوريين الآفاق واسعةً لتكوين الدولة الوطنية، لكن كان للاستعمار القديم، ولورثته الجدد، ولأمريكا التي تسلّمت رعاية الكيان الصهيوني كلامٌ آخر، وكان للتطرف، والاستئثار، والاستبداد، رأيٌ آخر، وهكذا هب السوريون لمواجهة الأمريكيين ومشاريعهم وأذنابهم ومخططاتهم (حلف بغداد، الحلف المركزي، ملء الفراغ)، ومازالوا إلى يومنا هذا يقاومون ويواجهون.
مازالوا يقاومون بعد غزو إرهابي يعدّ الأشرس في تاريخنا المعاصر، مازالوا يقاومون تحالفاً معادياً كان في البدء ومازال حتى اليوم يحسد السوريين المتآلفين، المنسجمين، في مشهد لا يماثله في تعدديته وتنوع مكوناته أي بلد في العالم.
مازال السوريون يقاومون، وواجهوا منذ أيام عدواناً همجياً قادته دول ارتبط تاريخها بنهب الشعوب والهيمنة على مقدراتها، وأسقطت صواريخها على الأرض السورية، مثلما مرّغ ثوار سورية، فيما مضى، هيبةَ فرنسا بالتراب.
السوريون مقاومون.. ولن يتنازلوا عن طموحاتهم ببناء سورية الوطن الجامع، السيد، الحر، الديمقراطي، العلماني.. هذا ما ناضل من أجله الشيوعيون السوريون في الماضي، عندما رفعوا شعارهم (وطن حر، وشعب سعيد)، وهم مستمرون في نضالهم مع جماهير شعبنا، فالإنجازات التي حققها جيش سورية الوطني الباسل في مواجهة الإرهاب، وآخرها طرد الإرهابيين واستعادة الغوطة الشرقية، تُبرز أكثر وأكثر مشروعيةَ النضال لتحقيق هذا الهدف (الوطن الحر، والشعب السعيد).
المجد لوجه سورية، للشام الشريفة، لحلب الشهباء، لحمص العدية، لعروس الفرات والجزيرة المعطاءة، للجبل الأشم، لساحلنا وجباله، لحوران الكرم، لإدلب الخير!
أيها السوريون، لن تشبعوا إلا من حنطتها، ولن ترتووا إلا من مائها، ولن تنعموا بساعات صفاء إلا بين أحضان حورها وسنديانها.
هذه سوريتنا التي أركعت طغاة التاريخ، تمهّد اليوم لنصرها النهائي على الإرهابيين وفكرهم الظلامي، من أجل إعلاء كرامة الإنسان السوري الذي كان هدف الجلاء ومحوره.
في يوم الجلاء، ننحني أمام تضحيات جميع السوريين الذين بذلوا أغلى ما لديهم من أجل الوطن.
المجد لذكرى الثوار السوريين!
الخزي والعار للمستعمرين الجدد!
أما مستقبل سورية، فلن يكون إلا كما أراده ويريده السوريون.
عاشت ذكرى الجلاء!