تأخر المطر هذا العام.. دمشق تردد دعاء المطر!
تأخر المطر هذا العام..
لم تمطر بعد في دمشق.. تصوروا مدينة يشعل الأشرار الحرائق في أشجارها.. تصوروها بلا مطر، لابد وأنها صورة بالغة الحزن!..
ودمشق مدينة لوثتها غبار الحرب منذ ست سنوات.. ست سنوات صعبة، وهي بحاجة اليوم إلى غيمة بيضاء بيضاء بيضاء محملة بماء عذب نقي تغسل وجهها الجميل لتصحو على الفرح..
كثيرون ينسون وجه دمشق..
ينسون هذا الوجه عندما تتلبد السماء بالغيوم المحملة بالمطر، لكنها وعندما تمطر وتمطر وتمطر ينكشف جمال وجهها الأسطوري، ينكشف جمال روحها.. تنكشف نصاعة قلبها، وتراها مدينة من ياسمين أبيض وأشجار كباد وليمون وبرتقال تراها برائحة الخبيزة والفرنفل والكلونيا ووجوه باسمة وعطر زنبق يفوح من نوافذها المشرعة على جهات الحب!
تأخر المطر هذا العام..
الوجوه تتوق لروح ضاحكة ومدينة خالدة..
لاحظوا شفاه المدينة العطشى.. لاحظوه كيف تستعيد الغزل العظيم الذي قيل فيها كلمة.. كلمة: من سلامات أرسلت إليها أرق من صبا بردى، إلى أجمل ما قال فيها ابنها الشاعر نزار قباني..
النهر يحتضن ما تبقى من مائه.. يريده أن يبقى ليحكي للمارة أنه لازال نهرا.. يحتضن ما تبقى من مائه لتعرف السماء أن أرض الشام بحاجة إلى ماء نظيف يغسل غبار الرهبة عنها!
لم تمطر بعد في دمشق..
تحتاج المدينة إلى دعاء، ودعاء مدينة دمشق هو المحبة، أتعرفون كيف تكون المحبة في دمشق، بالتسامح، وفي لغة التسامح يهطل مطر كثير وينبت القمح في السهول ويزهر الكرز عند منعطفات الجبال..
تعالوا نردد دعاء المدينة الأبدي: المحبة!
فالمحبة خالدة في دمشق.. أردوا أن يزرعوا الكراهية في أرجائها ففشلوا.. قال حمامها: لا. وقالت ينابيعها: لا.. وقال قاسيون: لا..
إذن، لابد من الدعاء..
المحبة هو دعاء مدينة خالدة كتب التاريخ على جدرانها قصائد الأمل وآيات العزة والكرامة والرحمة!