«لا بدّ للربح من خسارةِ ما»… هذا إيمان المرأة السوريّة
داس المجتمع العربيّ الشرقيّ على حقوق المرأة واعتبارها كائناً كاملاً يتمتع بكلّ مقوماته الحياتية والإنسانية..
منذ آلاف السنين حقّ المرأة عندنا مهدور، ففي البداية كان زواجها أشبه بـ(الغصيبة) لدى البيئات المتخلّفة، فلا يؤخذ لرأيها دور.
ومع تطور الفكر بدأ هذا النوع من تهشيم المرأة يروح إلى الزوال بعض الشيء، فبات رأي المرأة ضرورياً، وبعد ذلك تخلّص المجتمع من أزمة إن كان للمرأة حقّ الاختيار أم لا.. وتعرّضت المرأة بعدئذ لمشاكل أشدّ صعوبة نوعاً ما.
مذ فترة ليست ببعيدة أصبح واحداً من أهم حقوق المرأة مزاولة العمل وإتمام علمها، هذا الحقّ أضحى الفرصة السانحة للمرأة في إثبات شخصيتها في المجتمع، فبات ذاك حلمها وهدفها في هذه الحياة. لكن لهذا سلبياته من ناحيةٍ أخرى، ففي مجتمعنا الفتيّ المرأة التي زاد عمرها عن حدّ معين لا يُرغب فيها للزواج، وهذا أثّر سلباً على مستقبل النساء، فأصبح على المرأة إما التخلّي عن حقوقها لتروح إلى عشّ الزوجية في سنّ مبكّرة، أو أن يودي بها حقّها إلى سنّ اليأس أي العنوسة الذي يحرمها حقاً آخر ألا وهو الزواج والأسرة.
وجدير بالذكر أيضاً أن معظم الشباب لا يتقبل المرأة الموظفة أو العاملة أو المتعلمة لأسباب متخلّفة خوفاً من الحد لدوره الهام في الأسرة، فمعظم الشرقيين غير المثقفين لا يحبّذون تفضيل دور المرأة على دور الرجل أو ربّ المنزل، وهذا أيضاً ما قلل فرص الزواج لدى الفتيات، فباتت هذه الظاهرة تهددهنّ اليوم فالميّزات التي تجعل منهنّ زوجات بدأت تضمحلّ..!
لن نبتعد كثيراً عن اليوم وفي ظلّ واقعنا السوري وقبيل الأزمة السائدة منذ سنوات، ظهرت إحصاءات تبيّن انخفاض عدد الذكور في المجتمع السوري، وهذه كانت أهمّ المساهمات في عنوسة الفتيات!
واليوم زادت الأزمة (الطّينة بلّة) وسرقت معظم الشباب، وباتت النساء تحتلّ مجتمعنا مع المبالغة بالتعبير! فخطف الموت عمرهن الفتيّ و ذبحه من الوريد إلى الوريد.. وانتشرت ظاهرة العنوسة لدى معظم النساء!
ونتجت إثر هذا ظاهرة جديدة وهي تعدد الزوجات، فوجب على معظم الرجال الزواج أكثر من مرة بمقتضى العقيدة الإسلامية التي تسمح بتعدد الزوجات للدرجة الرابعة.. وهذا شكّل أثراً رجعياً سلبياً على المجتمع من نواحٍ عدّة!
فالمجتمع العربيّ برمّته ينظر نوعاً ما إلى المرأة الذي فاتها سنّ الزواج نظرة غير صالحة، وبالطّبع تُتهم بأمورٍ عدّة حتّى لو خِفية.. وهذا ظلم آخر للمرأة في مجتمعنا العربيّ مع الأسف!
فالعانسات: بشر مثلهن مثل الرجال ولسن أقل قيمة منهم بل يشكلن معهم تكاملاً!
فالمرأة الناضجة اختارت علمها وعملها وإثبات شخصيّتها في المجتمع رغماً عن أنوف الرجال الشرقيّين! والمرأة السوريّة كشفت في هذه الأزمة أنّها جبّارة ومكافحة، واستطاعت تحمّل المسؤوليات في ظلّ الحرب بغياب رجال بيتها أيّاً كانوا!
فخسئ سنّ العنوسة أن يُنقص من كرامتها و حيّز وجودها..
لذا بات إيمان المرأة السورية أنّ لابدّ للربح من خسارة ما..!
فهي ربحت مستقبلها وشخصيتها امرأة لها حق الحياة بكل تجلياتها وأبعادها.