من (الخيميائي) إلى الشباب السوري
في رواية (الخيميائي) يلقي باولو كويلو من دروسه الحكيمة بسخاء وبلغة ممتلئة بالثقة، تجبر الأعين المتحفزة على الوقوف بها دقائق تأمل. وربما، أقترحُ على كل شابٍّ من بلدي الحبيب وفي ظل هذه الظروف بالذات أن يُدخل بعضاً من الفكر المحفز لكويلو مختبر التجربة الذاتية.. أو في أقله تسجيلها على مفكرة ورقية أو مفكرة العقل لاستخدامها في حينه.
يبدأ بشرارة الانطلاق، بما يحتاجه كل منا.. التحفيز (إمكانية تحقيق حلم يجعل الحياة ذات أهمية) ويؤكد (عندما نريد شيئاً ما حقاً فإن الكون بأسره يطاوعنا لإيجاده)، (إذا تطور شيء ما فإن كل ما حوله يتطور أيضاً). ويؤكد أنّ لكل منّا كنزه الخاص، أو ما سماه أسطورته الشخصية (حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك). ويتابع كأنه يقرؤنا من الداخل (إنني مثل كل الناس أرى العالم بمنظار من يريد أن تحدث الأمور كما يشتهي، لا كما يحدث في الواقع).. ويبدأ بتفنيد العقبات وأولها.. نحن.. (بدأ الفتى يغبط الرياح على حريتها، وقد أدرك أن باستطاعته أن يغدو حراً مثلها. لا شيء يمنعه عن ذلك اللهم إلا نفسه بالذات). ثم يأتي الخوف.. من المجهول ومن الفشل (يجب أن يقرر أن يختار بين شيء تعوده وشيء يود بشغف الحصول عليه).. ويتابع (ليس هناك سوى شيء واحد يمكنه أن يجعل الحلم مستحيلاً: الخوف من الفشل).
ومن أهم الرسائل تلك الخاصة بالأيام الصعبة كأيامنا، وكأنها كتبت خصيصاً لكل واحد منا (ليس لي سوى الحاضر، وهو وحده يهمني. إذا كان باستطاعتك البقاء، دائماً في الحاضر ، تكون عندئذ إنساناً سعيداً. وسوف تدرك أنّ في الصحراء حياة وأنّ في السماء نجوماً..).. (في الحاضر يكمن السر وإذا انتبهت إلى حاضرك أمكنك جعله أفضل مما هو عليه. ومتى حسّنتَ الحاضر، فإنّ ما يأتي بعد ذلك يكون أفضل أيضاً. إنسَ المستقبل وعش كل يوم من حياتك وفق أحكام الشريعة متكلاً على رحمة الله بعباده، فكل يوم يحمل الأبدية في صميمه). ولكل من ناء تحت ثقل وطأة الأيام ويرغب في الهجرة يأساً- إنّ قلبي يخاف أن يتألم – قل له إن الخوف من الألم هو أسوأ من الألم ذاته. وما من قلب يعاني الألم وهو يلاحق أحلامه، لأن كل لحظة سعي هي خطة لقاء مع الله ومع الأبدية).
(وهأنذا الآن أبدأ بما كان ينبغي أن أبدأه قبل عشر سنوات، ولكنني سعيد لأنني لم أنتظر عشرين سنة)…(أرني الحياة في الصحراء إن من يستطيع أن يجد فيها الحياة هو وحده من يستطيع أن يجد فيها كنوزاً أيضاً). وفي كل مرحلة يمر بها الفتى من رحلته يرسل إليه الكاتب عبر الرواية من يساعده، وكأنه يطلب منا أن نؤمن أن القدر يرسل إلينا في كل مرحلة من مراحل الحياة من يجدد الثقة في ذواتنا باستمرار ولا ينسى بلسم الحياة… الحب.. (عندما نحب تكتسب الأشياء معاني أكثر غنى). هذا كي لا ننظر إلى الهدف دون الوسيلة.. الإنسان هو الغاية لا الكنز.. (كثيرون ضيعوا الوصول إلى الهدف لأنهم اشتغلوا بكماليات هدفهم عن روح الهدف). والتحذير الأخير.. (قانون بسيط للغاية: عندما تكون كنوزنا قريبة منا فإننا لا نلاحظها أبداً. أتعلم لماذا؟ لأن الناس لا يؤمنون بالكنوز، لقد اكتفوا بالبحث عن الذهب، فقد بحثوا عن أسطورتهم الشخصية دون رغبة أن يعيشوا الأسطورة نفسها).. كنوزنا قريبة منا، وحيث يكون كنزك هناك يكون قلبك.. فلننطلق للبحث.. ومن خلاله سنلتقي.. وسنرتقي.. بأنفسنا وبالبلد.