أوقِفوا التسعيرة الجديدة للكهرباء!.. كفى إرهاقاً للمواطنين السوريين!

(النور):
أربعة عشر عاماً من الجمر، ذاق المواطن السوري خلالها ويلات الحرب وفقدان الآباء والأبناء، والتهجير القسري، وخسر عمله ودخله، ودُفع قسراً إلى هاوية الفقر والفقر المدقع، في ظل انهيار الاقتصاد الوطني بعد التخريب والهدم والسرقة للمنشآت الاقتصادية، وبعد العقوبات والحصار الاقتصادي، ورغم المحاولات السابقة لتخفيف معاناة المواطنين بانتهاج مبدأ الدعم الحكومي، لكن تراجع الإيرادات العامة، والفساد الذي استشرى في جميع مفاصل الدولة، منعا هذا الدعم من الوصول إلى مستحقّيه الحقيقيين، وهكذا وصلت معدلات الفقر إلى نحو ٨٥ بالمئة، والفقر المدقع الى ٥٨ بالمئة من المواطنين السوريين.
في الاقتصاد والسياسة يجب البحث دائماً عن الرابحين والخاسرين قبل اتخاذ أيّ قرار مصيريّ، فمَن سيخدم تطبيق هذا القرار؟ وبمن سيهوي؟ وما هي تداعياته على المصلحة العليا للوطن والشعب؟ الارتجال هنا يسبّب الكوارث الاقتصادية، ويدفع بغالبية المواطنين أكثر فأكثر إلى الفقر والحرمان.
مسلسل الإرهاق الجديد للمواطن بدأ مع زيادة سعر الخبز من 400 ليرة إلى 4000 ليرة للربطة الواحدة، واستمر مع زيادة أسعار المشتقات النفطية، وتعويمها حسب سعر الدولار، فأدى ذلك إلى زيادة أجور المواصلات الداخلية والخارجية بين المدن والمناطق، وارتفاع تكلفة نقل البضائع والسلع، وجرى تحميل ذلك الارتفاع على أسعار بيع البضائع والسلع للمستهلكين، وارتفع أيضاً سعر الغاز المنزلي من 65 إلى 170 ألف ليرة للجرة الواحدة، وأدت هذه الزيادات إلى ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات بنسبة تجاوزت 35%، فإذا أضفنا أن ذلك ترافق مع ضعف المراقبة الحكومية على الأسواق، والتسعير الكيفي، حينئذٍ يمكننا تلمّس الوضع المعيشي المتردي الذي وصل إليه المواطن السوري. والآن جاء قرار وزارة الطاقة، الصادر بتاريخ 30/10/2025 بزيادة أسعار الطاقة الكهربائية المخصصة للاستهلاك المنزلي والصناعي ليشكّل استمراراً صادماً لمسلسل إرهاق المواطن السوري، وليطيح بآمال ضئيلة بالخلاص من المعاناة والفقر والاستهداف.
صحيح أن الإدارة الحالية للبلاد زادت، منذ عدّة أشهرٍ، الرواتب وأجور العاملين في الدولة، لكن أعداداً كبيرة من هؤلاء جرى (الاستغناء) عن خدماتهم، ولم تشمل هذه الزيادة جميع العاملين والمتقاعدين، كما أن هذه الرواتب والأجور، بعد زيادتها، لا تكفي، بعد قرار زيادة التسعيرة، لتسديد فاتورة استهلاك الكهرباء المنزلي لدورة واحدة.
ونسأل هنا:
1- تبررون الزيادة بارتفاع تكاليف تأمين الطاقة الكهربائية، ولكن ماذا عن تكاليف تأمين الحد الأدنى من معيشة المواطن السوري المُفقَر رغماً عنه؟
2- هل المطلوب القضاء على أي إمكانية لإنهاض الصناعة السورية، في الوقت الذي تُفتح فيه الأبواب لما هبّ ودبّ من المستوردات التي تملأ رفوف المحلات والمستودعات؟
3- هل المطلوب إجهاض أي محاولة لإنقاذ الزراعة السورية التي تعد النشاط الرئيسي لنحو 40% من مواطني البلاد؟
4- هل المطلوب إخراج الحرفيين من النشاط الاقتصادي للبلاد، إذ ستنعدم قدرتهم على منافسة المصنوعات الآتية من الخارج؟
5- تتحدثون عن أسعار الطاقة في دول الجوار، فلماذا لا تتحدثون عن رواتب العاملين وأجورهم وتعويضاتهم في دول الجوار؟!
6- تدّعون أن السعر الجديد سيحفز المستثمرين في الداخل والخارج على الاستثمار في توليد الطاقة الكهربائية، لكننا نؤكد لكم أن العامل الحاسم في تحفيز الاستثمار هو الاستقرار والأمن، لا القوانين والأسعار، وهذا ما على الإدارة الحالية العمل على تأمينه من خلال السعي الحثيث إلى المصالحة الوطنية الشاملة، ونبذ وتجريم التحريض والفتن الدينية والطائفية والإثنية، وتوحيد كلمة السوريين عبر حوار وطني شامل تشارك فيه جميع الأحزاب والقوى السياسية والأطياف الدينية والاجتماعية والاثنية.
أوقِفوا تطبيق التسعيرة الجديدة للطاقة الكهربائية، فتداعياتها على الاقتصاد السوري والمواطن السوري سيكون كارثيّاً!

العدد 1140 - 22/01/2025