المحكمة الدولية ومحكمة الشعوب

كتب رئيس التحرير:

مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق المجرم (نتنياهو) ووزير حربه، والتي استفزت الأمريكيين والأوربيين، جاءت بعد أن تأكدت هذه المحكمة عبر الوثائق والشهادات من ضلوع هذا الصهيوني المجرم بالإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة وبقية المناطق الفلسطينية.

إن هذه المذكرة القضائية تمثل اعترافاً دولياً بفاشية وسادية المجرم الصهيوني، لكن هذا الاعتراف جاء متأخراً جداً، صحيح أنه يمثل رأياً قانونياً دولياً على ضرورة إدانة ومعاقبة (قاتل) غزة وشعبها، لكنه سيبقى حبراً على ورق في ظل تحالف الأمريكيين والأوربيين مع النزعة الفاشية لنتنياهو في محاولته إنهاء الوجود الفلسطيني في فلسطين.

لقد كانت محكمة الشعوب سبّاقة في اكتشاف النزعة الإجرامية لأعداء الإنسانية عبر تاريخنا الحديث، فجرائم الإمبراطوريات الاستعمارية بحق شعوب العالم أفردت لها آلاف الصفحات، ومنذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، تربعت الإمبريالية الأمريكية على كرسي الريادة في إشعال الحروب، وارتكاب المجازر، ومحاصرة الدول الفتية وشعوبها، واستخدام القنابل الذرية في إبادة البشر والشجر والحجر.

صحيح أن محكمة الشعوب لم تستطع حتى اليوم سوق المجرمين بحق الإنسانية إلى عدالتها، لكنها ماضية اليوم إلى تقليم الأظافر الطويلة لأعداء الشعوب عبر رفضها لاستمرار تحكم القطب الأمريكي الأوحد بتوجيه السياسة والاقتصاد العالميين وفق مصالح أعداء الشعوب، وسعيها إلى عالم متعدد الأقطاب، يضمن حرية الدول والشعوب في اختيار مصيرها.. ومستقبلها.

مذكرة الجنائية الدولية بحق (نتنياهو) و(غالانت) إثباتٌ قضائي.. قانوني لجرائم هذين المجرمين، بحق الشعب الفلسطيني، لكن ضمير الشعوب سيلاحق الإمبريالية الأمريكية وحلفاءها بجرائم بحق الإنسانية بأسرها.

العدد 1132 - 13/11/2024