نريد حكومةً مع الشعب

كتب رئيس التحرير:

تساءلت بالأمس، في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية التي مرت بها بلادنا منذ 13 عاماً:

ماذا لو كان البيان الوزاري للحكومة القادمة مؤلفاً من صفحة واحدة؟

نعم.. صفحة واحدة: (سنعمل على الاهتمام بالإنسان السوري الذي يعاني اليوم الفقر والحرمان والمرض، وعلى استمرار صمود بلادنا في مواجهة الاحتلال الأجنبي لأرضنا، ومن أجل وحدة بلادنا أرضاً وشعباً. سنقطع أيدي المتطاولين على أمن المواطن وكرامته وخبزه ودفئه ودوائه. لن نعدكم بالرفاه في ظل هذه الظروف، لكننا سنعمل بقوة كي لا تتوسع دوائر الفقر أكثر، بعد أن ناهز الفقراء نحو 85% من سكان سورية، ولن ننسحب من دعم الفئات الفقيرة، وسنجد طرقاً عادلة – غير الدعم النقدي.. وإلزام المواطنين بفتح الحسابات المصرفية- لإيصال هذا الدعم إلى مستحقيه. لن يُعاقب مواطن سوري لأنه عبّر عن آرائه. سنواجه الفساد والفاسدين، فهم سيجهضون كلّ محاولة لتنمية البلاد، وسنحاول ضبط الإدارة العامة بعد سنوات من الفلتان. لا يمكننا، بضربة سيف قاطع، أن نتخلص من تراكم الأخطاء والتقصير وضعف الإيرادات خلال سنوات الجمر، فالأمر يحتاج إلى نجاح الحلول السلمية للأزمة السورية، وعودة الحكومة إلى السيطرة على الموارد الوطنية، وتسخيرها لإنهاض الاقتصاد الوطني، ونقل المواطن السوري من النفق.. إلى الضوء. نحتاج إلى جهود القوى الوطنية التي وقفت في مواجهة الإرهاب.. والعدوان.. والاحتلال.. ومعاً سنحاول إحداث فارق يقف في مواجهة حملات اليأس.. والتشاؤم.. واللامبالاة.. والتنكر لكل ما هو وطني. لن نلجأ إلى التبرير والمخاتلة، وسنضع الحقائق أمام الناس، ولن نستخفّ بعقول المواطنين السوريين، وستكون أبواب الوزراء مفتوحة أمام الجميع).

دفعني إلى هذا التساؤل مراجعة سريعة لأداء الحكومات المتعاقبة خلال سنوات الأزمة والغزو الإرهابي لبلادنا، فرغم الظروف الصعبة التي كانت تتفاقم في كل يوم، وتؤدي إلى خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وتفاقم معاناة الفئات الفقيرة والمتوسطة، واشتداد الحصار الظالم، واستشراس التحالف الدولي المعادي لسورية في دعم الإرهابيين ومساندتهم، كانت هذه الحكومات تتصرف وكأن نهاية مأساتنا آتية في الغد!

البيانات الوزارية لجميع تلك الحكومات أمام نواب الشعب، في مجلس الشعب، والتي ناهزت عشرات الصفحات، كانت مليئة بالوعود على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي، وخاصة (السعي لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين)، لكن الذي حدث بالفعل هو تدهور هذه الأوضاع، وتحوّل غالبية السوريين إلى خانة الفقر والفقر المدقع!

ندرك تماماً أن الحكومة القادمة لن تستطيع صنع المعجزات، ولا نطالبها بذلك، بل نطالبها بالتركيز على وجع الناس وتأمين مستلزمات صمودهم خلف جيشهم، فمواجهة الاحتلال الأجنبي لا تبدو قصيرة الأمد.. نطالب حكومتنا القادمة بعدم الاستخفاف بعقول المواطنين السوريين وإدراكهم ومشاعرهم، عبر وعود.. ومظاهر.. وتصريحات لا ترقى إلى مستوى إدراكهم.. ووجعهم.. وصبرهم.. نريدها حكومة مع الشعب الفقير.. الفقير.

هل وصلت الرسالة؟

نرجو ذلك.. فسورية الوطن وشعبها المضحّي يستحقّان من الجميع بذل كلّ الجهود للخروج من النفق.

العدد 1120 - 21/8/2024