المسرح القومي يعود إلى حلب
بعد انقطاع طويل، عاد المسرح القومي ينشط من جديد في حلب، ففي 15/4/2018 قدم المسرح القومي- مديرية المسارح والموسيقا، برعاية الأستاذ محمد الأحمد (وزير الثقافة)، على مسرح دار الكتب الوطنية في حلب، وعلى مدى 10 أيام، مسرحية (الأشباح) للكاتب النرويجي التقدمي هنريك إبسن، وإخراج المخرج المميز د. وانيس باندك، بالاشتراك مع نخبة من فناني حلب المسرحيين المرموقين: سلوى جميل، أمين الخطيب، حسام خربطلي، سمير الطويل، منيسا ماردنلي.
ورغم صعوبة النص الذي يمتد على فترة 3 ساعات (في النص الأصلي)، فقد استطاع المخرج القدير د. باندك اختزال النص إلى ساعة ونصف دون أن يضيع شيئاً من أهداف العمل في إدانة رجال الدين الذين يقومون بدور قذر في محاربة انتشار الأفكار التنويرية، وفي تعرية الطبقة الاجتماعية السائدة في أوربا في أواخر القرن ،19 وركز على دور الأم المكافحة (الشخصية الرئيسة) في الحفاظ على بيتها ومحيطها الاجتماعي من التحلل الأخلاقي، وأضاف إلى الشخصية بعداً جديداً بجعلها تنقذ ابنها من الموت، وهي دعوة إلى الجيل الجديد للابتعاد عن اليأس والأوهام، والتمسك بالوطن، كما أعطى الخادمة قيمة إيجابية عندما أخذت من الأم كتاباً من كتبها رمزاً لبحث طبقة الشغيلة عن التنور وعن حل لمشاكلها. أقول استطاع المخرج الحفاظ على الملامح الأساسية للشخصيات ودورها الدرامي في المسرحية، وقدم عملاً مسرحياً جميلاً ملتزماً يلامس إشكالية دور بعض رجال الدين الرجعي في المأساة السورية.
يقول المخرج عن عمله:
(إن رغبتي الأساسية في تقديم نص الأشباح (1881م) تتركز على تقديم شخصية الأم كنموذج للمرأة العصرية التي تناضل في سبيل الحفاظ على تماسك أسرتها وسط مجموعة من الأشخاص يظهرون كنبلاء، ولكن في الحقيقة تكمن في داخلهم أشباح فاسدة).
كان اختيار النص من قبل المخرج تحدياً لكل الظروف الصعبة وضعف الإمكانيات التي مرت ومازالت تمر على حلب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إثباتاً أنه من الممكن تقديم نصوص عالمية مميزة على مسرحنا القومي.
أدى الممثلون أدوارهم بإتقان لافت شد انتباه الجمهور خلال ساعة ونصف كاملة، وكان لهندسة الديكور (إبراهيم المهندس) والموسيقا المصاحبة (وضاح كوريني) دوراً مهماً في نجاح العمل.
أتوجه بالشكر للمخرج د. باندك وكل الذي عملوا معه على نجاح هذه المسرحية، وأتمنى أن يمتعونا بالمزيد من الأعمال المسرحية الجادة التقدمية الجميلة، وأن يكون هذا العمل بداية لموسم مسرحي لافت على مسرحنا القومي في حلب.