شراكة المارد الصيني دعم لسورية في مقاومة العدوان

كتب رئيس التحرير:

تقول صحيفة اللوموند الفرنسية: (زيارة الأسد للصين استحضارٌ للتنّين الصيني إلى الصراع.. لكن بأساليب ناعمة).

يقيناً إن الصين لم تكن بعيدة عن الصراع الذي حوّلته الولايات المتحدة إلى عدوان مباشر على سورية لإتمام مخططها الساعي لإنشاء شرق أوسط جديد، يتحرك وفق حركة أصابع الإدارة الأمريكية بحراسة الكيان الصهيوني الذي تكفل له هذه الإدارة استباحة المنطقة أمنياً واقتصادياً.

الصين لم تكن بعيدة كي يستحضرها الرئيس الأسد، فقد واصلت دعمها السياسي لسورية خلال سنوات الجمر، وشكلت مع الحليف الرئيسي الروسي سداً منيعاً أمام نوايا الولايات المتحدة وحلفائها في مجلس الأمن للعدوان على سورية.. وكانت، وما زالت، تؤيد الحل السياسي للأزمة السورية بالاستناد إلى مبادئ السيادة ووحدة الأرض والشعب.

إذا كان المطلوب أمريكياً خنق سورية وشعبها، لأخذها اقتصادياً واجتماعياً بعد أن عجزت عن أخذها عن طريق غزو الإرهابيين، فالشراكة الاستراتيجية، التي وقّع على تفاصيلها الرئيسان الأسد وشي بينغ، تعبّر أولاً عن رفض سورية أن ترفع الراية البيضاء أمام العدوان الأمريكي، وتعبّر ثانياً عن إصرار الصين على إتمام مبادرتها العالمية (الحزام والطريق) لتحويل العالم إلى كوكب السلام والمصالح الاقتصادية المتبادلة، ومساعدة الشعوب عن طريق التنمية في اختيار سياساتها المستقلة، في مرحلة يشهد العالم فيها نبذ أحادية القطب والسير باتجاه تعدد الأقطاب، وأن سورية هي البلد الرئيسي جيوسياسياً في المنطقة التي تعد عاملاً رئيساً في إنجاح المبادرة الصينية الخلاقة، غير عابئة، وهي ثاني أقوى اقتصادات العالم، بعقوبات الإدارة الأمريكية وحصارها.

الاقتصاد السوري يعاني تداعيات 12 عاماً من الحصار والعقوبات والتخبط الحكومي، ومعاناته تمارس تأثيرها المأسوي على الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين.. وهذه (الشراكة الاستراتيجية) ستلعب، أو يُفترَض أن تلعب دوراً أساسياً في مساعدة الاقتصاد السوري على تخطّي مصاعب الحصار الأمريكي، وإعادة تفعيل القطاعات السورية المنتجة.

لا نعلم تفاصيل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية، لكن الدعم الاقتصادي، إضافة إلى استمرار الدعم السياسي، هو الهدف الأبرز، لذلك فنحن نرى ضرورة التخطيط الحكومي الجدّي للاستفادة من الدعم الاقتصادي الصيني في القطاعات المنتجة الرئيسية في الزراعة والصناعة، فهي التي تؤدي إلى التراكم الداخلي، وتخلق فرص العمل، وتقدم الاحتياجات الرئيسية لتخفيف معاناة المواطنين السوريين، وتدعم مقاومة سورية لجميع الضغوط السياسية والاقتصادية.

مع هذه (الشراكة الاستراتيجية)، يلزمنا جهدٌ حكوميّ فاعل، ونحن بانتظاره.

العدد 1104 - 24/4/2024