القلق الغربي من قمة (بريكس)
د. صياح فرحان عزام:
الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون وغيرهم، انتابهم قلق كبير من قمة بريكس، التي انعقدت في الفترة ما بين 22 و24 آب 2023 في جوهانسبورغ، بجنوب إفريقيا، وقد تسابق مراسلو التلفزيونات ومحطات الإذاعة على نقل رسائل متعددة وسريعة وحية عما دار فيها من مناقشات، وتساءلت هذه المحطات ما إن كانت العملة الموحدة الجديدة ستبصر النور ولو بعد عشر سنوات.
محلل سياسي فرنسي استغرب في مقالة له عن القمة، الجرأة المتزايدة لدول بريكس قائلاً: (ألم تعد أمريكا وأوربا تخيفان).
باحثون غريبون آخرون في الشؤون الدولية يقولون: (ما كنا نسميه العالم الثالث أصبحت دوله في المصاف الأول).
جدير بالذكر أنه في هذه القمة انضمّت إليها ست دول هي: الأرجنتين، إيران، إثيوبيا، مصر، السعودية، الإمارات، وهذا يعد حدثاً تاريخياً مهماً سيضيف إلى المجموعة ثقلاً لافتاً، علماً بأن عشرين دولة تقدمت بطلبات انضمام إليها. أيضاً تمثل دول المجموعة اليوم 40% من سكان العالم، بينما مجموعة الدول الصناعية السبع لا تشكل سوى 10%… وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً، يتضح أن فكرة إنشاء البريكس ولدت بالتزامن مع الهجوم الأمريكي على أفغانستان بعد تفجير البرجين الأمريكيين في 11 أيلول عام 2001. ومما يلفت النظر أن الشعوب في إفريقيا قبل حكوماتها تريد بريكس وترحب بها، ليس فقط بسبب السياسة الغربية القائمة على الاستغلال والنهب والاستعباد، بل بسبب الخطاب الأخلاقي الذي تعتمده الدول المؤسسة لبريكس لاسيما منها روسيا والصين، فهما تقودان هذه القاطرة وتعملان بحيوية ونشاط لإقامة نظام دولي جديد يزيح غبن الماضي. وعلى سبيل المثال ولد (بنك التنمية الجديد) وصندوق الاحتياط ليخلصا دول العالم الثالث من شروط وتسلط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين يتمتعان بسمعة سيئة في تعاملهما مع الدول التي تطلب مساعدات منهما أو قروضاً.
إذاً، إن لقمة بريكس الأخيرة أهمية خاصة لعدة أسباب منها:
– الحرب في أوكرانيا التي شنها الغرب على روسيا، وما تركته وتتركه من تأثيرات اقتصادية على معظم دول العالم إلى جانب محاولات الاستقطاب الدولي الجارية الآن.
– التمرد الإفريقي على الوجود الغربي في إفريقيا خاصة فرنسا، إذ يرى الجيل الإفريقي الجديد أن الغرب عامة وفرنسا خاصة استغلوا ثروات وخيرات بلادهم وحرموا الشعوب الإفريقية منها.
-هناك ترحيب إفريقي شعبي ورسمي بقوى دولية وإقليمية كبرى وبالاستثمارات التي تقدمها دول بريكس لإفريقيا دون شروط تعجيزية وعلى رأسها روسيا والصين.
أخيراً يمكن القول إن بريكس تسعى مستقبلاً لتحويل هذه المجموعة إلى (منظمة توازن سياسي واقتصادي) ضمن العلاقات الدولية يتحقق بوجودها وثقلها تخفيف الضغوط الأمريكية والغربية على دول العالم؟