ضعاف النفوس يستغلونها بزراعة الخضار.. مياه الصرف الصحي تغزو عشرات الدونمات الزراعية بطرطوس!

رمضان إبراهيم:

رغم مضيّ أكثر من خمسة عشر عاماً، على الولادة اللاشرعية لظاهرة إرواء الأراضي القابلة للزراعة، بمياه الصرف الصحي، تمهيداً لزراعتها بالمحاصيل الصيفية والشتوية، ورغم أضرارها البيئية وأخطارها الصحية، إلا أن الحد منها للوصول الى القضاء عليها ما زال لتاريخه عصياًّ على أصحاب القرار.

فعشرات الدونمات الزراعية، ولا نبالغ إذا قلنا مئات، ما زال إرواؤها يعتمد على المياه الآسنة.

مياه الصرف الصحي تغزو عشرات الدونمات الزراعية في المحافظة، الأمر الذي أصبح يُشكلُ خطراً صحياً على مستهلكي هذه الخضروات، لما تحمله لهم من ملوثات نتيجةً لسقايتها الدائمة بمياه الصرف الصحي، وما زاد من الهواجس والمخاوف هو تسبّبها بالعديد من الأمراض خاصة الكوليرا، وغيرها من الأمراض الهضمية، خاصة أنها تباع ضمن الأسواق المحلية، دون أي رادع أخلاقي عند الذين أتوا بها إلى تلك الأسواق لبيعها للمواطنين.

ونتيجةً لضعف عمل محطات المعالجة فقد تحولت مصادر مياه الصرف الصحي إلى مصبّات دائمة للمياه الآسنة، ما أبقاها طبعاً عند البعيدين كل البعد عن أخلاقيات كار الزراعة مصدراً إروائياً لمزروعاتهم اللاصحية علماً أن هناك لجاناً مختصة لقمع هذه الظاهرة بقيت دون تفعيل.

الطبيب البيطري (حرب خليل) أوضح لـنا أن تغذية المواشي بالمحاصيل العلفية المروية بالصرف الصحي لها، دون أدنى شكّ، انعكاساتها السلبية على صحتها لأن هذه المياه تسبب لها مشكلات مرضية وجرثومية وطفيلية وفيروسية، وينتقل المرض إلى المواشي، ومنها إلى الإنسان، وذلك عن طريق استهلاك منتجاتها من اللحوم والألبان، والأجبان، وأخطر الأمراض تأتي عن طريق التسممات الثقيلة، مثل الكلور والرصاص والكادميوم، إذ ترتفع نسبة هذه العناصر بالمحاصيل العلفية، المروية بالصرف الصحي، وعند تغذية الحيوانات بها تترسب بأعضاء جسمها، وتفرز بمنتجاتها.

أما مدير الصرف الصحي بطرطوس المهندس منصور منصور فقال لنا: من غير المقبول بتاتاً ولا المسموح به إرواء المزروعات بمياه الصرف الصحي قبل المعالجة، لما يسببه ذلك من أضرار بيئية وأخطار صحية، وهناك كتاب من المحافظ إلى البلديات لملاحقة هذه الزراعات وإتلافها. وقد طالبنا خلال أكثر من اجتماع بمواجهة هذه الظاهرة، وأكدنا ضرورة تشكيل لجنة من البيئة والزراعة والموارد المائية والمحافظة وقيادة الشرطة للكشف على الأراضي المروية بمياه الصرف الصحي ليصار إلى إتلافها.

مدير البيئة بطرطوس الدكتور محمد صالح أكد لنا أن هذا الأمر مرفوض رفضاً قاطعاً، وأننا على استعداد للكشف على هذه المزروعات ليصار إلى إتلافها، لما تشكله من خطر على الصحة والسلامة العامة.

وأضاف: إن خطر إرواء المزروعات بمياه الصرف الصحي من أخطر ما يهدّد الصحة البشرية، نظراً لاحتوائها على جراثيم وبكتيريا وعصيّات تشكل سبباً أساسياً للعديد من الأمراض الهضمية وعلى رأسها الكوليرا.

ويبقى أن نقول: في ظل الانتشار الواسع للأمراض، بات ضرورياً الحد ما أمكن من ظاهرة إرواء الأراضي بمياه الصرف، لما تحمله منتجاتها من أمراض وبائية، وفي النهاية فإن بتر المشكلة من جذورها يكمن في الإسراع بإحداث محطات معالجة ولاسيما في مدن المحافظة وقراها.

العدد 1104 - 24/4/2024