ماذا يجري في السويد؟

طلال الإمام_ ستوكهولم

بدأت القصة الأسبوع الماضي، عندما نظم المتطرف اليميني الدانماركي/ السويدي راسموس بالودان (Rasmus Paludan) حملة استفزازية في خمس مدن سويدية قام خلالها بـ(حرق نسخة من القرآن الكريم). الأمر الذي استدعى ردّات فعل قوية من قبل المناهضين لهذه الحملة، وصلت إلى حد صدامات، وإصابات وحرق سيارات الشرطة وإشعال حرائق في جميع المدن التي تجول فيها. ولم يتمكن هذا المتطرف من القيام بما يريد في بعض المدن، بسبب الاحتجاجات الواسعة المناهضة لحملته.

لن أدخل في تفاصيل ما جرى، فقد تداولته مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية. سأتوقف عند بعض التساؤلات التي يطرحها المتابعون، بل الخائفون من تداعيات هذه الاستفزازات على السلم الاجتماعي في المجتمع السويدي.

أولاً – لا يمكن فصل هذه الأحداث عن مؤشرات تصاعد تيارات اليمين المتطرف، العنصرية والنازية، في السويد كما في أوربا، تحت شعارات وأشكال مختلفة.

ثانياً – لماذا تمنح الشرطة السويدية تصاريح الموافقة لمثل هذه الفعاليات وتؤمن الحماية لها؟ اليس من المفروض أن تدرك مسبقاً تداعياتها على المجتمع؟ أليس من المفروض منعها؟ أما الادعاء بأن منح الموافقة يندرج ضمن إطار حرية التظاهر وحرية الكلمة و… فهو مردود على مدّعيه، لأن المتابعين يعرفون حالات جرت فيها عرقلة أو منع لفعاليات أخرى (لا تروق للمطبخ السياسي) تحت حجج واهية.

ثالثاً – من اللافت والمثير للتساؤل استدعاء الشرطة لكاهن كنيسة في مدينة يونشوبينغ Fredrik Hollertz فريدريك هولرتس، قام بقرع جرس الكنيسة في غير موعده كردة فعل واحتجاج على فعالية هذا المتطرف، وذلك للتحقيق معه بتهمة محاولة (منع تظاهرة وتعكير الصفو العام وخرق القوانين) (لافت ومضحك تعبير تعكير الصفو العام)!!؟؟

وقد علق الكاهن فريدريك: (… أريد أن يكون هذا المكان مكاناً للسلام.. لدينا مجمعات سكنية متعايشة بمحبة وسلام وهدوء، وهذه التظاهرة مرفوضة…)•

السؤال هو: من المستفيد؟

نعتقد أن المستفيد هم المتطرفون من كلا الجانبين.

تُرى ألا تدرك الحكومة السويدية أن هذا الاستفزاز سيلاقي ردود أفعال احتجاجية تلحق الضرر بالسلم الاجتماعي، خاصة عندما ينفّذ في شهر الصيام: رمضان، الذي يحتل مكانة قدسية لدى الصائمين؟

ندعو، من باب الحرص على مستقبل السويد والسلم الاجتماعي، إلى منع فعاليات من هذا النوع تلحق ضرراً بالمجتمع.

ونأمل أن يتحقق ذلك قبل فوات الأوان.

ويبقى السؤال الأهمّ: السويد إلى أين، في ظل أزمة الغلاء التي تجتاحها، والركض وراء الانخراط في حلف الناتو، وتنفيذ أجندات لا علاقة لها بمصلحة السويد والسويديين؟

العدد 1105 - 01/5/2024