أين سورية في قمة بوتين_ بايدن؟ 

طلال الإمام_ ستوكهولم:

اختتمت في مدينة جنيف أول قمة بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين. ضم الوفدان إضافةً إلى الرئيسين ممثلي كلٍّ من الخارجية، والدفاع، والاقتصاد، ومسؤولي بعض الملفات الإقليمية (ألكسندر لافرنتييف_ المبعوث الروسي الخاص إلى سورية)، إضافةً إلى آلاف الصحفيين الذين توافدوا إلى جنيف لتغطية اللقاء في المدينة التي تحولت إلى ثكنة عسكرية، فقد قُطعت الطرقات وظهرت مختلف صنوف الأسلحة البرية والجوية والبحرية لضمان امن الضيوف وسلامتهم.

الأهم هو اللقاء الذي جمع الرئيسين على انفراد لمدة ساعتين ونصف الساعة، خرج بعد ذلك كل رئيس على حدة لعقد لقاء صحفي، إذ لم يكن هناك مؤتمر صحفي مشترك على غير عادة غالبية اللقاءات.

ربما بسبب البون الشاسع في المواقف.

إن قراءة سريعة للقاء تشير إلى جوانب إيجابية فيه وأخرى ضبابية. فاللقاء بحدّ ذاته إيجابي لأنه يساهم في كسر الجليد بين روسيا والولايات المتحدة، ويخفف من التوتر الذي تمثل في سحب سفيري البلدين وتبادل طرد ديبلوماسيين، وتشديد الحصار الاقتصادي على روسيا، إضافةً إلى اتهامات بايدن لبوتين بأنه (قاتل) ومعاد للديمقراطية. من هنا يمكن القول إن اللقاء خطوة إيجابية نحو حل الخلافات بالحوار. الإيجابية الأخرى برأيي هي أن هذه القمة كانت إشارة واضحة إلى انتهاء عصر الأحادية وتفرد الولايات المتحدة في العالم، وظهور الدب الروسي والتنين الصيني على الساحة الدولية كقوتين عالميتين.

يمكن الإشارة استناداً إلى المؤتمر الصحفي للرئيسين أنهما اتفقا على عودة السفيرين إلى موسكو وواشنطن، وإطلاق حوار الاستقرار الاستراتيجي، وناقشا ملفات المحتجزين، الهجمات الالكترونية، الوضع في أوكرانيا، تمديد معاهدة ستار. 3، العلاقات الاقتصادية بين البلدين، المسائل المتعلقة بالقطب الشمالي وحقوق الإنسان وغيرها. طبعاً هذه الملفات كثيرة ولا يمكن حلها بلقاء لساعات، لكنها قد تشكل اختراقاً ايجابياً. نقول (قد تشكّل) لأن حقيقة ما دار في الاجتماع المغلق والاتفاقات التي جرت فيه لا تظهر مباشرة، وإنما سيتم تسريبها تدريجياً عبر وسائل الإعلام القريبة من الكرملين والبيت الأبيض، وستتجلّى أيضاً على الأرض في النزاعات الإقليمية التي تشهد تشابكاً بين الطرفين: إيران، ليبيا، سورية، أوكرانيا، وبيلاروسيا وغيرها.

أمضيت اليوم كله وأنا أتجول بين المحطات الإخبارية وأتابع التعليقات والتحليلات، لعلّي اجد القضية السورية في جدول عمل هذه القمة.. لكن للأسف كانت القضية السورية ومن خلال ما أُعلن قبل اللقاء وبعده غائبة (ضبابية) تقريباً. التصريح الوحيد حول سورية جاء من بايدن حين ذكر باقتضاب أنه تحدث مع بوتين حول تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية. عدا هذا لم يتسرب أي شيء محدد عن هذا الملف!

أعتقد جازماً أنه جرت مناقشة الملف السوري ربما دون التوصل إلى اتفاق محدد، ولذلك لم يتم الحديث مباشرة عن الحل السياسي، الحوار، عن رفع الحصار والعقوبات المفروضة على الشعب السوري، عن وحدة سورية وعودة السوريين إلى ديارهم أو حول إعادة الإعمار.

إن حل أزمات المنطقة ومشاكلها في لبنان أو فلسطين مرتبط بشكل مباشر بالوضع السوري، لذلك يستغرب المراقبون عدم الإفصاح لحد الآن عن أسباب غياب الأزمة السورية بشكل كامل تقريباً عما رشح عن هذه القمة.

ثمة تكهنات تقول إن الملف السوري معقد وتتقاطع فيه مصالح العديد من الدول الإقليمية والعالمية، وربما لذلك كان غائباً أو مغيباً، لأن تلك القوى لم تتفق فيما بينها بعد؟!  طبعاً لا ينتظر أحد أن يتم خلال لقاء بين قطبين ولبضع ساعات حل ملفات إقليمية أو دولية بشكل كامل. رغم ذلك كان المراقبون ينتظرون أن يكون للملف السوري حيز أوسع في هذه القمة. ربما علينا الانتظار فترة لتظهر على الأرض ما إن كان ثمة اتفاق حول الملف السوري بين الرئيسين أم لا؟ نأمل ذلك لأنه في حال العكس ستطول آلام السوريين ومعاناتهم.

العدد 1104 - 24/4/2024