ندوة (تطور الممارسة والابتكار النظري للماركسية المعاصرة)

في إطار التحضيرات للذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني،

شارك الرفيق نجم الدين الخريط -الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد

 في الندوة الافتراضية عبر السكايب بعنوان:

 (تطور الممارسة والابتكار النظري للماركسية المعاصرة)

 وذلك يوم الخميس 27 أيار 2021، وقد دعت لهذه الندوة ونظمتها دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وشارك فيها عدد من قادة الأحزاب الشيوعية والعمالية في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوربا.

 

  • المداخلة التي ألقاها الرفيق الأمين العام:

 

أيها الرفاق الأعزاء

تحية لكم من حزبنا الشيوعي السوري الموحد، ويسرّنا المشاركة في هذه الندوة الهامة التي تنظمها دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الشقيق.

أيها الرفاق؛

في رسالة إلى الهيغليين الشباب عام 1848، كتب ماركس (علينا أن نتجنب تقديم أنفسنا للناس بأننا نمتلك الحقيقة فاسجدوا لنا واعبدونا، بل علينا أن نطور لهم مفاهيم جديدة من المفاهيم التي يؤمنون بها).

وهذا هو المطلوب اليوم، أن نطور المفاهيم القديمة باتجاه ابتداع طرق ووسائل جديدة تستند إلى حقائق أثبتتها قوانين العالم والتطور، لخدمة قضايا الشعوب الأساسية في الحرية وتأمين الحياة اللائقة ومكافحة أعداء الشعوب والإنسانية.

ونؤكد هنا بفخر شديد أن الحزب الشيوعي الصيني الشقيق قطع أشواطاً كبيرة في هذا المسعى، إذ ابتدع وسائل وأدوات مبتكرة لإنجاح التطور الاشتراكي بالأسلوب الذي يتناسب مع الأوضاع في الصين، وأكد بذلك أن خصائص كل بلد تلعب الدور الرئيسي في اختيار الطرق الملائمة للنمو الاشتراكي، وعمل على حل المسائل الاقتصادية والاجتماعية الماثلة أمام الصين بالاستناد إلى هذه الرؤية الماركسية.

إن التجربة الصينية بقيادة الحزب الشيوعي الصيني تشكل تطوراً هاماً في النظرية الماركسية، وفهماً عميقاً وعملياً لمبادئها ومرتكزاتها.

وتتركز هذه الأهمية بأنها ليست رؤية نظرية أو اجتهاداً فكرياً فقط، بل هي تطوير فعلي أثبت وجوده وصحته على أرض الواقع.

وهذا ما نراه ويراه العالم في الصين حالياً.

فالاشتراكية حسب مفهوم رفاقنا الصينيين هي التنمية، وهذا ما عملت على تحقيقه منذ بدء سياسات الإصلاح الاقتصادي في عام 1978، إذ قامت بتطوير جميع القطاعات المنتجة في البلاد خلال فترة قياسية، وحافظت على معدل نمو مرتفع خلال عقدين بلغ 9,5 % عام 2006 وهو معدل قياسي أدى إلى زيادة حجم الاقتصاد الصين في الاقتصاد المحلي والدولي.

وبرزت دولة الصين واحدةً من الدول الكبرى التي تمارس تأثيراً فاعلاً في الاقتصاد العالمي، وحافظت الصين بعد ذلك على نسب نمو مرتفعة تراوحت بين 6 و8%، فارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 8 تريليونات دولار عام 2006 إلى 12 تريليون دولار عام 2018، ثم إلى 13.6 تريليون دولار عام 2019، وتحتل المركز الثاني بعد الولايات المتحدة كأقوى اقتصاد عالمي، وحسب مؤشرات المنظمات الدولية وصناديق المال العالمية فإن الاقتصاد الصيني سيحتل المركز الأول عام 2030 كأقوى اقتصاد عالمي استناداً لديناميكية تطوره وشموله لجميع فروع الإنتاج، واعتماده على التكنولوجيا العالمية رغم التأثيرات السلبية التي سببتها جائحة (كوفيد 19) التي أدت إلى تباطؤ النمو خلال عام 2020، وقد تجاوزها الاقتصاد الصيني اليوم، بحسب مؤشرات النمو في الربع الأول من عام 2021.

لقد عمل الحزب الشيوعي الصيني على انعكاس التنمية الاقتصادية على المسألة الاجتماعية في الصين، إذا أدت نجاحات الاقتصاد الصيني إلى تغيير جوهري في الوضع الاجتماعي والمعيشي للمواطنين الصينين، وتجاوز نصيب المواطن الصيني من الناتج المحلي الإجمالي 10 آلاف دولار عام 2019، وارتفع إنفاق المواطن الصيني على احتياجات الثقافة والترفيه والسياحية من 2310 يوان عام 2013، إلى 3911 يوان عام 2018.

لكن هذه الإنجازات على أهميتها لم تُرضِ القيادة الشيوعية الصينية، فأعلنت الحملة الكبرى للقضاء على الفقر المدقع في الصين، وأعلن الرفيق شي بينغ عام 2021 إن الصين انتصرت على الفقر المدقع بعد تنفيذ خطة اجتماعية استمرت 8 سنوات، واستثمرت فيها 246 مليار دولار، فتجاوز بعدها 99 مليون مواطن صيني من سكان الريف خط الفقر.

لقد أثبتت الاشتراكية حسب الظروف الصينية نجاح تحول الدول النامية إلى دول متطورة اقتصادياً واجتماعياً، بالاستناد إلى خطط التنمية التي تأخذ ظروف كل بلد بالحسبان، وهذا ما دفع قيادة الحزب الشيوعي الصيني إلى إحياء طريق الحرير القديم، وتقديم مبادرة (الحزام والطريق) التي تعمل على تعزيز النمو الاقتصادي للدول النامية في آسيا وإفريقيا بمدّ شبكة للتجارة، والمساعدة في بناء البنية التحتية التي تربط آسيا وأوربا وإفريقيا، والتي أدت إلى معاهدات وقعتها جمهورية الصين مع 126 دولة و29 منظمة دولية.

أيها الرفاق إن مبادرة (الحزام والطريق) التي طرحتها الصين عام 2013، تلخص وجهة نظر رفاقنا الصينيين التي تتلخص بضمان مستقبل أفضل للبشرية تتشارك فيه المجتمعات الدولية عن طريق تبادل الخبرات والمساعدات التي تصب في صالح الجميع، ونبذ كل ما يؤدي إلى النزاعات والحروب التي تعمل على إشعالها الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها.

أخيراً نتمنى باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد لرفاقنا في الحزب الشيوعي الصيني النجاح الدائم في قيادة جمهورية الصين الصديقة إلى إنجازات جديدة لدعم مساهمة الصين في الاقتصاد العالمي وفي التحسين الدائم لرفاهية الشعب الصيني وسعادته.

وشكراً على تنظيم هذه الندوة

وكل عام وأنتم بخير

العدد 1102 - 03/4/2024