حزب الشعب الفلسطيني في اجتماع (القيادة الفلسطينية): نحذر من أية معالجة جزئية لهذه الأزمة الوطنية

ننشر فيما يلي ملخص كلمة الرفيق الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، التي قدمها باسم الحزب في اجتماع (القيادة الفلسطينية) في رام الله- مساء الخميس الموافق 29/4/2021:

نود في البداية أن نحيّي أبناء شعبنا الذين يخوضون معركة بطولية في القدس على (باب العامود) وفي باحات المسجد الأقصى وفي الشيخ جراح وفي كل ركن من أركان عاصمة فلسطين الأبدية.

إن اجتماع اليوم حاسم للغاية، وهو يشغل بال الشعب الفلسطيني بأسره كما يشغل بال كل مناصري شعبنا، وهو بالتأكيد أيضاً محط اهتمام أطراف دولية وعربية واقليمية عديدة، ودون شك فهو أيضاً لا يغيب عن متابعة الاحتلال الذي لا يوفر فرصة من أجل استثمارها لتكريس احتلاله الاستعماري العنصري وحربه النفسية ضد شعبنا.

هدف هذا الاجتماع هو معالجة التحديات التي تواجه الانتخابات وبالتحديد قضية القدس في الانتخابات، وذلك بروح المسؤولية الجماعية، وهو أولاً وأخيراً الحيلولة دون أن تصبح الانتخابات بعد أن كانت وسيلة تهدف أيضاً لإنهاء الانقسام، أن تصبح مصدراً لانقسام واختلافات جديدة بين أبناء شعبنا وقواه السياسية.

إن حزب الشعب الفلسطيني تعاطى مع المقاربة التي طرحت حول الانتخابات كمدخل لإنهاء الانقسام بروح بناءة منذ البداية، ودعا إلى تحقيقها في إطار مجموعة قضايا طرحها في بياناته، وفي الاجتماعات التي خصصت لهذه الغاية، وكذلك في حوارات القاهرة، وهذه القضايا تتلخص في: الحقوق الديموقراطية لشعبنا، ومركزية مكانة القدس في الانتخابات، والأفق السياسي لهذه الانتخابات، وضمان إنهاء الانقسام، وتعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية ومكانتها.

نحن اليوم لا نزال أمام تحدي هذه القضايا، وعلينا أن نعالجها بروح المسؤولية، وعلينا أن نعترف بشكل واضح بقصور النظام السياسي الراهن عن معالجة هذه القضايا، وعن التناقضات الكبيرة التي يحملها تجاهها، وفي المقدمة منها طبعاً تناقض واقع استمرار السلطة وفقاً للاتفاقات في ظل غياب أي سقف زمني لإنهاء هذا الاحتلال، وتناقض ذلك أيضاً مع حقيقة اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين كتجاوز لواقع هذه السلطة وهذه الاتفاقات، دون أن نحقق تجاوز ذلك بصورة فعلية.

لن نعرض لكل هذه القضايا في اجتماع اليوم، ولكن بالنظر إلى القضية الملموسة المطروحة، فإننا نود تأكيد موقف حزب الشعب على النحو التالي:

1- تأكيد موقف الحزب الثابت وموقف قائمة اليسار الموحد حول الانتخابات في القدس، وهو الموقف الذي طُرح مبكراً برفض أي تهرب إسرائيلي أو دولي من تحقيق الالتزامات باعتبار القدس جزءاً لا يتجزأ من الارض المحتلة ومن الانتخابات الفلسطينية في كل مراحلها ترشيحاً ودعاية وتصويتاً، وبضمان إجرائها والإشراف على الرقابة  فيها كأي جزء من الأراضي الفلسطينية، وعدم السماح بتهرب اسرائيل من ذلك تحت أية ذريعة، خاصة بعد  صفقة القرن.

2- رفض أية محاولات لتبرير ذلك أيضاً بأية ذريعة، ورفض محاولات حرف الجوهر السياسي والوطني لقضية القدس باتجاه موضوع فني أو تقني أو جعلها على حساب الجوهر الوطني والسياسي لقضية القدس، وانعكاسات ذلك المستقبلية في إطار الصراع اليومي الدائر على القدس ومواجهة (تهويدها) وسلخها تماماً عن جسد الدولة الفلسطينية.

إن هذه الانتخابات كلٌّ لا يتجزأ، فإما أن تجري وفقاً للاتفاقات، وفي هذه الحالة لا يجوز إخراج القدس منها، بما في ذلك حق الدعاية والتصويت والإشراف الفلسطيني للجنة الانتخابات، أو خوض الاشتباك في كل الأرض الفلسطينية من أجل سلطة تشريعية لدولة فلسطين خارج هذه الاتفاقات جميعاً، إما على شاكلة مجلس تأسيسي لدولة فلسطين أو للمجلس الوطني الفلسطيني نفسه، علماً أن الاشتباكات هي حالة يومية في القدس وفي غيرها، وهي ليست مستحدثة أو جديدة كي تصبح بديلاً للمضمون السياسي للانتخابات في القدس بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الارض الفلسطينية.

ويؤكد حزب الشعب الفلسطيني أنه لن يكون شريكاً في هذا الخطأ التاريخي الفاحش، ولا شريكاً في تغطية التراجع عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين القوى الفلسطينية بهذا الخصوص، بل يحمّل المسؤولية في ذلك وفي الوضع الذي وصلنا إليه اليوم في هذه القضية لجميع الأطراف والجهات التي تهرّبت من البحث الجدي لهذه القضية ووضع الآليات المشتركة سياسياً وعملياً ووطنياً لمعالجتها رغم إلحاح حزب الشعب المتكرر على ذلك في حوارات القاهرة، وفي اللقاءات الثنائية مع كل الأطراف.

3- يحذر حزب الشعب الفلسطيني من أن عدم معالجة هذه القضية، وفقاً للمسؤولية التاريخية الوطنية تجاه القدس من جهة ووفقاً للحاجة الديموقراطية لشعبنا ولإجراء الانتخابات التي لا تحتمل التأجيل من الجهة الأخرى، سيفاقم من حدة الأزمة والانقسامات في المجتمع الفلسطيني، ويهدد بالسير به نحو نموذج (الدولة الفاشلة) كما جرت محاولته في مصر وسورية وليبيا واليمن وغيرها وبتمويل من الجهات ذاتها التي تمارس التطبيع اليومي مع الاحتلال، مما يحول قضية الانتخابات من وسيلة لإنهاء الانقسام إلى مصدر إضافي لانقسامات جديدة، الأمر الذي يتطلب مشاركة الجميع في بحث الحلول لهذه الأزمة.

4- إن حزب الشعب الفلسطيني  يؤكد تمسكه بموقفه الذي يتلخص من جهة في سعيه لضمان مشاركة المقدسيين في الانتخابات، كشركاء متساوين بكامل حقوقهم الانتخابية أسوة بأبناء شعبنا في جحر الديك في غزة، وفي الزبابدة في جنين، وفي فروش بيت دجن في الأغوار، وفي مسافر يطا في الخليل، وفي غيرها من المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ومن الجهة الأخرى في رفضه للانتخابات دون القدس وعدم استعداده  للاستمرار فيها دون ذلك.

5- يحذر حزب الشعب الفلسطيني من أية معالجة جزئية لهذه الأزمة الوطنية، بما في ذلك تأجيل الانتخابات التشريعية دون إيجاد آليات بديلة لتجاوز الانسداد الذي بلغه النظام السياسي الفلسطيني المنقسم والمجزأ في كل المجالات تقريباً.

إن هذه المعالجة من شقّين:

الأول فوري وعاجل يتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفي الالتزام بإجراء انتخابات المجلس الوطني في الداخل، واستكماله في الخارج بتاريخها المتفق عليه، وإلى حين ذلك يتم توسيع المجلس المركزي ليضم كافة القوى، ويتولى دور السلطة التشريعية والرقابية وكمجلس تأسيسي لدولة فلسطين إلى حين إجراء الانتخابات للسلطة التشريعية الجديدة لدولة فسطين، أو للمجلس الوطني حيثما أمكن.

والثاني: استراتيجي يقوم على بناء نظام سياسي جديد على أساس الدمج الواضح بين ترسيخ الاعتراف بدولة فلسطين وتجاوز الاتفاقات من جهة، وتوسيع النضال من أجل استقلال هذه الدولة ونيل حريتها من الجهة الأخرى، وذلك عبر إطلاق القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية، وتوسيع مبادرات شعبنا الكفاحية والمتواصلة يومياً في القدس وفي بقية أنحاء الوطن لتحقيق ذلك، والاستناد في ذلك إلى قرارات اجتماع الأمناء العامين وما تلاها في حوارات القاهرة. وإعادة بناء النظام السياسي بترسيخ دور منظمة التحرير الفلسطينية ومكانتها من جهة، وبالاستناد إلى تقوية عوامل وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج من الجهة الأخرى دفاعاً عن حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير واستقلال الدولة.

6- إننا نقترح أخذ فرصة أخرى لعدة أيام من أجل توحيد الموقف الجماعي لكل القوى حول آليات إجراء الانتخابات في القدس ضمن ثوابت هذا الموقف، بحيث لا تصبح الانتخابات والقدس قضايا جديدة في الخلاف الداخلي الفلسطيني، وبحيث نطور وحدة الموقف الفلسطيني تجاه القدس وكسب المزيد من المؤيدين لهذا الموقف على الساحة الدولية.

العدد 1104 - 24/4/2024