بالفم الملآن.. ودون خوف

كتب رئيس التحرير- بشار المنيّر:

في الأساطير.. وفي التاريخ، في الأبحاث والدراسات، في التجارب الإنسانية عبر آلاف السنين، اكتشف الناس أن الأيدي المكبّلة والعقول المغلقة والأصوات المكبوتة، لن تحمل إلى البشر إلا مزيداً من البؤس والتقوقع في زاوية منسية من حركة الحياة التي تغتني كل يوم بالجديد، فراحوا يبتدعون طرقاً ووسائل للخروج إلى الحياة، فكانت المنعطفات التاريخية الكبرى التي لم تبق رهينة المكان والزمان، بل مارست تأثيرها في الفكر الإنساني، وتحولت لا إلى حكايات تروى، بل إلى منارات تغلغلت في عمق الأنفاق المظلمة، وفتحت نوافذها للجميع.. فالحياة للجميع، وتحتاج الجميع، وتحول الإنسان الحر والخلاق إلى شرط ملازم لكل تقدم وتطور وخير ورفاه، وتكاد تراه في خلفية كل مشهد يثير في أعماقك مشاعر الفرح والسعادة.

لن (نؤستذ) هنا بقضايا أصبحت من أساسيات الفكر والممارسة الإنسانيتين، بل نقول لجميع من يعاند بديهيات الحياة: كفى.. كفى!

في سوريتنا التي تمر اليوم بمرحلة هي الأكثر خطورة في تاريخها الحديث، تحتاج بلادنا إلى وجوه لا يكفّنها الخوف والرعب والقلق الذي خيّم على شعبنا بعد معاناته المأساوية خلال سنوات الجمر.. لقد رأى الدم.. وشاهد حزّ الرقاب، وخزنت العيون مشاهد الأنقاض البيوت المدمرة والسنابل المحروقة، وسكتت الأصوات الصادقة في محاولة للبقاء في زمن لا يعترف إلا بأصوات النشاز!

نحتاج اليوم إلى الأمل. والأمل لا يخرج من عباءة الخوف، وهذا ما يعرفه جيداً جميع القادة.. والمسؤولين.

شعبنا الصابر منذ سنوات وسنوات سبقت بداية المأساة عام 2011، يحتاج إلى الأمل.. والطمأنينة.. والاستقرار.. فقد دفع الثمن الأغلى، ووقف إلى جانب جيشه الباسل في أشرس غزو عرفته البشرية، وقف إلى جانب دولته في مواجهة كل المحاولات الرامية إلى إركاعها، وهو يحتاج اليوم إلى تأمين متطلباته الأساسية، ونبذ الخوف، وفك جميع الأقفال التي تعيق شحذ فكره وإبداعه وحبه لسوريته، وبعدها سترون العجب.. إنها كلمة السر أيها السادة الطامحون إلى رئاسة الجمهورية.

ثمة ثلوج لم تهطل وتخزن للمواطن السوري أسباب بقائه، هناك صيف لم يأتِ كي يلوّن سنابل قمحنا بلون الذهب، وهناك كلمات لم تُقَل كي تحوّل عتمة نفوسنا إلى أمل وعمل من أجل سورية الجميلة.. السيدة.. الموحدة أرضاً وشعباً.

أحد المرشحين لرئاسة الجمهورية، وهو الدكتور بشار الأسد، وضع رؤية التطوير والتحديث منذ ما قبل بداية الألفية الثالثة، وأظنه يدرك تماماً أن أي تطوير أو تحديث ينقل سورية وشعبها إلى مصاف الدول التي كانت مثلنا، وتجاوزتنا، لن تحققه إلا أيدٍ حرّة.. وعقول مستنيرة.. وإرادة فولاذية من أجل التغيير. أطالبه اليوم العودة إلى رؤيته لتطوير سورية، والبدء بتهيئة مقومات هذه الرؤية، التي يأتي في طليعتها الاستمرار في مواجهة الاحتلال الصهيوني والتركي والأمريكي، ودعم جهود التسوية السلمية، ومحاسبة جميع من ساهم مع أعداء سورية في تجويع المواطنين السوريين، والإعلان عن سورية الديمقراطية السيدة الموحدة.. وشعبها الموفور الكرامة. وسنضم أصواتنا إلى ملايين الأصوات كي يعتلي سدة الرئاسة من جديد.

أقول قولي هذا بالفم الملآن، ودون خوف: أزيلوا جميع الأقفال، وسنقوم نحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد بما يجب علينا وأكثر كي يكون الغد السوري مشرقاً.. ديمقراطياً.. علمانياً.. يضمّ الجميع.

العدد 1104 - 24/4/2024