اغتيال خسيس.. والرد آتٍ

د. صياح عزام:

بات من الواضح أن الكيان الصهيوني منذ أن نشأ في قلب الوطن العربي كان مختبراً للقوة الأوربية، ثم تحول فيما بعد إلى مختبر للقدرات الأمريكية، إذ يتم من خلاله تطبيق التجارب المتعلقة بحوادث القتل والاغتيال والتصفيات لكل من يعارض السياسات الغربية والأمريكية والصهيونية، ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين لا يريدون القيام بعرض اليد القذرة لهم إلا من خلال من أدمن القتل والترويع دون أن يتعرض للمساءلة أو للمحاسبة من أحد، وهذا المدمن والممتهن للقتل وجرائم الترويع، هو الكيان الصهيوني الغاصب الذي يتلقى الدعم والمساعدة المختلفة من الولايات المتحدة خاصة، والدول الأوربية الحليفة لها بشكل عام.

نقول هذا الكلام بمناسبة اغتيال العالم محسن زادة، مدير البرنامج النووي الإيراني.

فقد كشفت مصادر إيرانية أن جريمة الاغتيال هذه لمهندس المفاعل النووي الإيراني، قد تمت عن طريق قمر صناعي، وأشارت إلى أن هذه العملية هي تقنية أمريكية صهيونية استخدمت في اغتيال الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ويحيى عياش وغيرهم.

وأصبح من المؤكد أن الولايات المتحدة وحلفاءها من الدول الأوربية القوية لا تسمح لأي دول طموحة أن تمتلك السلاح النووي، بمعنى آخر إن الأعداء المفترضين غير مسموح لهم بامتلاك السلاح النووي، خاصة الدول التي تعتنق إيديولوجية مغايرة للإيديولوجيات الأمريكية والأوربية الغربية، من هنا أصبح الإسلام عدواً للغرب بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، إضافة إلى قيام الغرب بنشر بذور الفتنة بين المسلمين أنفسهم، عبر التركيز على ما يسمونه الصراع بين السنة والشيعة، حتى بين المذاهب في الدين الواحد.

هذا، ما يؤكد أن الأيادي الصهيونية الخبيثة ملطخة بدماء العالم الإيراني محسن زادة، وهو ما نقلته إحدى الصحف العربية عن مصادر إسرائيلية بأنه قبل الاغتيال بساعات صرح نتنياهو بأنه سيقدم لحكومته إنجازاً جديداً هاماً، من دون أن يوضح نوع هذا الانجاز، وبعد هذا التصريح بساعات حصلت جريمة استهداف العالم محسن زادة.

إذاً، الكيان الصهيوني استخدم تكنولوجيا حرب النجوم الأمريكية من خلال إطلاق من سلاح إلكتروني أو ليزري، وبالطبع هناك خونة في الداخل وعملاء للموساد الإسرائيلي قدموا له العون في جريمة الاغتيال هذه.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا تقف الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاؤهما في الغرب ضد المشروع النووي الإيراني المسخّر لأغراض سلمية علماً بأن إسرائيل تمتلك السلاح النووي منذ عشرات السنين، وهي من ضمن ثماني دول في العالم تمتلك القوة النووية، وهي الجهة الوحيدة التي لم توقع على تفتيش منشآتها النووية بمساندة أمريكية، كما أنها تعمل على وقف أي مشروع نووي في المنطقة؟!

هنا نتذكر كيف اغتال الموساد الإسرائيلي العلماء والمهندسين النوويين العراقيين في الثمانينيات، وكيف قصفت إسرائيل المفاعل النووي العراقي الذي كان قد تجاوز مراحل مهمة، محطمة بذلك أمل العراق بامتلاك مفاعل نووي متطور، ثم كيف أن الموساد اغتال العلماء والمهندسين المصريين الذين بدؤوا التفكير بمشروع مفاعل نووي، حتى أنه اُستُهدف مهندسون باكستانيون نوويون، إلا أن باكستان تمكنت من امتلاك السلاح النووي.

أخيراً، لماذا كل هذا؟ بالطبع كل هذا ليبقى الكيان الصهيوني هو الأقوى في المنطقة، وليؤدي وظيفته كمنصة لأمريكا وللقوى الغربية، وليتحكم في مراحل متقدمة بالاقتصاد الإقليمي وبسياسة المنطقة ككل دون أي منازع، وبالطبع بدعم أمريكي غير محدود عسكرياً وسياسياً وإعلامياً ومالياً.

على أي حال، إيران لم ولن تكون لقمة سائغة يبتلعها الكيان الصهيوني وربيبته الولايات المتحدة، وهي قادرة على الدفاع عن نفسها وحماية أمنها، وسترد على اغتيال هذا العالم الإيراني محسن زاده في المكان والزمان المناسبين.

العدد 1104 - 24/4/2024