مدن الظلام والظلمات…نداء أخير!

ريم الحسين:

هي المدن السورية قاطبةً، القابعة تحتل نير الإرهاب العسكري أو الإرهاب الاقتصادي، والخاسر الوحيد هو الشعب السوري مهما كانت توجهاته وانتماءاته، وفي هذه الأيام التي يكاد يلفظ فيها الجسد السوري آخر أنفاسه، إذا لم يعِ الشعب خطورة الأمراض الخبيثة في وطنه فهو المسؤول أيضاً عن تبعات ما يحدث، وسيسجل التاريخ كيف مات هذا الوطن على يد أبنائه قبل أعدائه.

هي الفرصة الأخيرة للمّ الشمل والاستغاثة الجريحة التي يرسمها التراب والهواء على صفحة السماء والماء، ولأن الشك الكبير في إمكانية أن يتخلى الجمع المؤثر عن أنانيته وتفرّده ومخططاته وتقبيل يد أعدائه، تبدو فرص النجاة شبه مستحيلة أو تكاد تكون معدومة.

لن يتحسّن الواقع الاقتصادي ما دامت يد العدو ممدودة من الداخل والخارج، وما دامت حقول النفط والقمح يدنسها الإرهاب، ما دام الفساد يعشّش في النفوس، ما دام لا مستقبل يتجه الحاضر اليوم لتخطيطه وإدارته وكأن النخب في هذا البلد انقرضت، وكأن لا أحد يعمل أو لا أحد يريد الخير لهذا البلد.

يخيم الظلام أغلب ساعات الليل والنهار حتى ضوء السماء يتلاشى في عتمة البرد وتفاصيل الشتاء، ربما لن يسمع السكارى أنين الحجر وآهات الحرمان في كل زاوية عويل وألم وموت وحرمان.

لا أدري سبب الإصرار على تحويل الحرب إلى قربان! كم من أمة وبلاد تعرضت للخراب وبدأت بالنهوض من الرماد إلى قمة العلياء؟ لماذا نُصرّ على تكرار نموذج البلاد التي دفنت نفسها في التراب؟! هل لأننا في محيطها ويغزونا الغير الفاشل فنعيد تجربته عن عمى وغباء!

هذا التردي الاقتصادي والاجتماعي سيتحول إلى وباء، إن لم نُعد كتابة تاريخنا بالنور وليس بالظلام. ماذا يمنع من عقد جديد يحدد معالم القادم يحميه القانون والأقوياء الصالحون في شتى المجالات، أم هنا تكمن المشكلة فالصالحون هم الندرة وليس الموارد وقلة العطاء؟!

كفانا اتفاقيات وسياسة تمر على أكفان الشهداء! كفانا فساداً وذرّاً للرماد في العيون، نحن في الدرجة ما قبل الأخيرة نهوي إلى الجحيم الكبير، وصرخة الوطن قبل الوصول بلحظات إلى القاع أن انجدوني ولنعد رسم طريق الصعود درجةً درجة مهما كلّف من جهد وعناء.

المجد للشهداء، حماة الديار عليكم سلام.

العدد 1104 - 24/4/2024