تصريح صحفي للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني

عقدت اللجنة المركزية دورة اجتماعها العادي في 14 و15 و 21 آب (أغسطس) 2020م، لمناقشة قضايا الراهن السياسي وقضايا تنظيمية داخلية.

أكدت اللجنة المركزية في مداولاتها أن الصراع السياسي والاجتماعي في الفترة الانتقالية يعبّر بجلاء عن موقف القوى السياسية المختلفة بشأن استكمال مهام الثورة وتحقيق شعاراتها، لافتة إلى محاولات القوى المعادية للثورة لإعادة إنتاج الأزمة العامة والإبقاء على التمكين الاقتصادي للرأسمالية الطفيلية وحماية مصالحها بإفراغ الثورة من مضامينها.

كما حددت الدورة طبيعة سلطة الفترة الانتقالية والقوى الاجتماعية التي تسلمت السلطة، وتوجهاتها واحتدام الصراع بين قوى الثورة وقوى الهبوط الناعم، كما أكدت ضرورة تصحيح مسار الفترة الانتقالية وتحقيق تطلعات الجماهير وتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الحياة الكريمة وحماية الحقوق والحريات، ورفض أي شكل من أشكال الحد من حركة الجماهير أو حرمانها من بناء منابرها الديمقراطية المستقلة التي تدافع من خلالها عن حقوقها وتشارك في صنع القرار.

وفي السياق جددت اللجنة المركزية التأكيد على أن وحدة قوى الثورة المتمسكة بشعارات وأهداف الثورة والملتزمة بإعلان الحرية والتغيير وبرامج المرحلة الانتقالية هي السبيل لاستكمال مهام الثورة وتحقيق تطلعات شعبنا.

والاستجابة لمطالب هذه القوى واجب ملزم لمجلسَي الوزراء والسيادة على حدٍّ سواء، ولا نجد ثمة مبرّراً لضيق هذه المكونات بمطالب الثوار واحتجاجاتهم السلمية التي يتم التعبير عنها بالمسيرات والمواكب، باعتبارهم صناع الثورة الحقيقيين وهم_ أي الثوار_ من أتاحوا لهذه المكونات فرصة الصعود إلى الحكم، دون إسقاط للمآخذ والموازنات التي قادت إلى ذلك من وراء ظهر الثوار.

وفي هذا الإطار رأت اللجنة المركزية ضرورة الإسراع بعقد مؤتمر قوى الحرية والتغيير، والتعجيل بتشكيل لجان التحضير له بموافقة ومشاركة جميع الأطراف، مع توسيع قاعدتها وإشراك مختلف قوى الثورة في فعالياته وقراراته ومراجعة هياكلها ومراجعة مواقفها ومختلف جوانب اتخاذ القرار فيها.

حددت اللجنة المركزية موقف الحزب المبدئي من أجهزة الحكم الانتقالي والقائم على مدى التزام الحكومة بقضايا الشعب السوداني، وأوضحت مفارقة السلطة التنفيذية لدورها في حماية الحقوق والحريات العامة، وطالبتها بوقف تمدّد العنف والانفلاتات الأمنية واستخدام القوة في قمع الجماهير، والمحاسبة استناداً على تحقيق يوضح المسؤولية في ضرب مواكب 17 آب (أغسطس) 2020م.

كما أكدت اللجنة المركزية أن الحزب الشيوعي لم يقدم أي عضو في تنظيمه لشغل أي منصب في الحكومة المركزية أو حكومات الولايات أو في أي مناصب سياسية تنفيذية، والزميل والي ولاية الجزيرة رشحته للموقع القوى المدنية ولجان المقاومة بالولاية، و لم يكن للحزب دور في ترشيحه، وبناء على ما تقدم فإن الحزب الشيوعي سيظل ملتزماً بموقفه المعلن يدعم الدور الإيجابي لحكومة الفترة الانتقالية وتطويره ونقد ومقاومة أي قرارات أو مواقف لا تنسجم مع خط الثورة ومصالح الجماهير، أو تتراجع فيه عن ميثاق وبرامج إعلان قوى الحرية والتغيير، وأن كل أشكال الحراك الثوري والشعبي تجاه سياساتها وقراراتها والتعبير عن رفضها تصبح خطوات مشروعة ومطلوبة ظلت الجماهير ملتزمة بها بوعي واستقامة في مقاومة النظام البائد حتى الإطاحة برأسه، وهي تعمل الآن وفقاً للمبادئ الثورية ذاتها من أجل تصحيح المسار وجرد حساب السنة التي انقضت من عمر المرحلة الانتقالية، ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب الذي صنع هذا المشهد الانتقالي بكامله ولا يزايد عليه أحد.

وقالت اللجنة المركزية إن المحاولات المستميتة لتشويه مواقف الحزب الشيوعي والتي تتبناها القوى المعادية للثورة والتي تأخذ أشكالاً مختلفة لن تثني الحزب الشيوعي عن خطه المبدئي والمعلن في كل وثائقه السابقة وإعلامه ووقوفه بحزم ضد أعداء الثورة وحلفائهم بالداخل والخارج.

ناقشت اللجنة المركزية ضمن أجندتها أيضاً قضية السلام، وأقرت قيام مؤتمر شعبي للسلام وأكدت أن ما يدور الآن في جوبا لا يمكن أن يأتي بسلام مستدام وعادل، لقيامه على النهج ذاته الذي اتبعه النظام السابق من اتفاقات ثنائية وقسمة للسلطة والثروة على حاملي السلاح مع التجاهل التام لسكان مناطق النزاعات من أصحاب المصلحة الحقيقية ممن اضطرتهم ظروف الحرب للعيش في معسكرات النزوح وفي الكراكير والكهوف.

كما أشارت ضمن مناقشاتها إلى أن الاعتصامات الأخيرة في نيرتتي وفتابرنو وغيرها كشفت عن وجود تنظيمات اجتماعية ومدنية سلمية، تقودها الجماهير في مناطق النزاعات وتعمل على تحقيق مطالبها، وهي الممثل الحقيقي والمقبول لدى هذه الجماهير، ولم يجد الحزب مبرراً لعزلها عن التفاوض حول قضاياها، وأكد الحزب أن تولي مجلس السيادة لملف السلام كان وسيظل مرفوضاً، ودعت مجلس الوزراء لتحمّل مسؤولياته تجاه هذا الملف والقيام بمهامه التي نصت عليه الوثيقة الدستورية على علاتها.

اعتبرت اللجنة المركزية أن تعيين الولاة المدنيين خطوة إيجابية نحو استكمال هياكل الحكم، ودعت قوى الثورة في الولايات المختلفة للمشاركة في وضع سياسات وخطط وبرامج حكومات الولايات استناداً على أولويات الجماهير فيها.

كذلك كان ضمن أجندة اللجنة المركزية الوضع الاقتصادي في البلاد وأكدت اللجنة المركزية في مداولاتها أن أزمة الاقتصاد مستمرة لأن السياسة الاقتصادية الراهنة تمثلت خُطا سياسة النظام البائد ومواصلة نهج إبعاد الدولة عن النشاط الاقتصادي، ورهن ثروات وموارد البلاد للرأسمالية الطفيلية، وارتمت في أحضان صندوق النقد والبنك الدولي، وتبنّت سياسة إفقار الجماهير المثقلة بالمسغبة أصلاً وتحميلها عبء تمويل الموازنة، وأشارت اللجنة المركزية إلى ضرورة تبني سياسات اقتصادية وطنية سبق أن طرحها الحزب الشيوعي وقوى الحرية والتغيير من أجل ضمان ولاية وزارة المالية على المال العام وسيطرة الدولة على الموارد وإعادة هيكلة الموازنة بما يحقق مجانية التعليم والصحة ويخفف أعباء المعيشة، إضافة إلى سياسات نقدية تعزز قيمة العملة الوطنية وتكبح جماح التضخم، مع الإسراع في تصفية وتفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة ومحاكمة الفاسدين وغيرها من المطلوبات الضرورية لتجاوز الأزمة وتخفيف معاناة المواطنين.

فيما يتعلق بالسياسات الخارجية والشروع في التطبيع مع دولة إسرائيل، أكدت اللجنة المركزية موقفها الثابت في التضامن مع قضايا وقوى التحرر الوطني، والاستناد إلى دستور الحزب المجاز في مؤتمره السادس الذي نص في المادة 26/4/3 على الآتي: (دعم نضالات الشعوب التي تتعرض للقهر والاضطهاد… التضامن مع شعوب العالم المناضلة في سبيل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي ….)، هذا هو الأساس الذي ينبني عليه موقف الحزب من كل الشعوب المضطهدة والشعوب المناضلة، وقد شكل هذا الموقف لحمة وسداة موقفه من القضية الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل، والدور الذي لعبته في كبح جماح حركات التحرر الوطني بالمنطقة في دعم نفوذها الاستعماري ووكالتها عن الإمبريالية التي تغدق عليها الأموال وترعى تفوقها العسكري والحربي على مجموع قدرات دول المنطقة من حماية أممية تحمي حروبها التوسعية في دولة فلسطين والدول المجاورة مقابل تدفق بترول دول منطقة الشرق الأوسط إلى أمريكا وحلفائها في الدول الرأسمالية، وقد مثل ذلك أكبر عمليات النهب المنظم المحمي بالقانون الدولي لموارد بلدان وشعوب المنطقة.

وأكدت أن الحزب الشيوعي ضد ما يجري الآن في المنطقة من حروب وتخريب، لتمرير ما سمي بصفقة القرن التي يعلم الجميع ضلوع عدد من الدول العربية في مباركتها والعمل على تنفيذها والضغط على حكومة الفترة الانتقالية ودفعها للتطبيع مع اسرائيل بدعاوى مختلفة، فتواترت الأنباء مؤخراً عن اتصالات ولقاءات وخطوات في طريق التطبيع ينفيها البعض ويؤكدها الآخر، ويصرّ الجانب الإسرائيلي على حدوثها، وإن الشعب السوداني كان يتوقع من قادته الذين نصبهم في حكومة انتفاضته الباسلة الصدق والشفافية في قضايا تتعلق بمواقفه التاريخية التي استقر عليها وجدان الشعب بأسره. وفي هذا الإطار يرفض الحزب الشيوعي مشروع صفقة القرن الأمريكية، كما يرفض ويدين بشدة التطبيع مع دولة إسرائيل ويطالب الحكومة بوقف وإلغاء كل الاجراءات التي اتخذت، بما فيها السماح للخطوط الجوية الإسرائيلية المرور عبر الأجواء السودانية، وكشف وإلغاء أي اتفاقات جرت مع رئيس دولة اسرائيل لحين حصول الشعب الفلسطيني على الحل العادل لقضيته وتحقيق أمن شعوب المنطقة من الاعتداءات الإسرائيلية. يرفض الحزب الشيوعي انفراد السلطة الانتقالية بالقرار غض النظر عمّا مُـورِسَ من ضغوط وما قُدّم من إغراءات رفع الحظر وغيرها.

دمتم ودام نضال الشعب السوداني

آمال الزين / الناطقة الرسمية المكلفة باسم الحزب الشيوعي السوداني

الأحد 23 آب (أغسطس)2020م.

العدد 1104 - 24/4/2024