سلاح التعطيش الأردوغاني

د. صياح عزام:

تكشف تركيا في ظل حكم السلطان الطاغية أردوغان عن وجهها الحقيقي حول ما أسمته مساعدة الشعب السوري، بعد أن اختبأت وراء أقنعة الخداع والتضليل والادعاءات الكاذبة، بينما هي في واقع الأمر تلجأ إلى أبشع أساليب الإرهاب وفي مقدمتها سلاح (التعطيش) للشعب السوري، خاصة في فصل الصيف الذي يكون فيه الناس أحوج ما يكون إلى المياه، في ظل المعاناة تحت وطأة ارتفاع الحرارة وجائحة كورونا ومستلزماتها في النظافة.

طبعاً، ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها تركيا وأتباعها من الفصائل الإرهابية التكفيرية المسلحة إلى أقذر أنواع حروب المياه وأشدها انحطاطاً ولا أخلاقية، كما فعلت مؤخراً بقطع المياه عن أكثر من مليون إنسان في محافظة الحسكة.. وحسب التقارير (للمرة 13) تُكرر أنقرة وأزلامها الإرهابيون وقف ضخ المياه من محطة (علوك) بريف الحسكة والخاضعة لسيطرتها منذ تشرين الأول من العام الماضي، عن ما يزيد على مليون مدني في (جريمة حرب) جديدة تندرج في إطار (الجرائم ضد الإنسانية).

على مدار نحو أسبوعين، توقفت مياه الشرب تماماً عن المدنيين، لا لشيء إلا للابتزاز وممارسة الضغوط، وبذريعة أن دمشق قطعت الخدمات عن المناطق الخاضعة للاحتلال التركي، وأن القوات الكردية قطعت الكهرباء عنها أيضاً، في الوقت الذي سارعت فيه السلطات السورية إلى نجدة سكان الحسكة بالمياه عن طريق الصهاريج وحفر بعض الآبار السطحية.

ورغم التوسط الروسي مع أنقرة، وما تسمى الإدارة الكردية، لم يتم التوصل إلى حلول جذرية، الأمر الذي يدل على أن لتركيا أهدافاً أخرى ومن ضمنها استكمال ما تسميه بـ(المنطقة الآمنة) إلى 400 كم  مدينتي رأس العين وتل أبيض، علماً بأن روسيا وسورية تمكنتا من قطع هذه المنطقة ونشر قوات روسية وسورية فيها، وبالتالي لجأت تركيا إلى ممارسة الضغوط على موسكو ودمشق لتحقيق أهداف سياسية عبر أخذ المدنيين رهينة إرهاب مائي غير مسبوق.

إذاً، هناك خطط تركية خبيثة لتثبيت احتلالها البغيض لأجزاء من الأراضي السوري، وبالتالي كل الادعاءات التركية حول مساعدة السوريين هي ادعاءات كاذبة تخفي وراءها أطماعاً تركية قديمة ومتجددة في عهد أردوغان.

وللتذكير فإن تركيا أشهرت ومارست حروب المياه ضد العرب مراراً وتكراراً، كما فعلت مع سورية والعراق، حينما أقامت السدود على أراضيها، وتحكمت في ضخ الكميات المقررة إليهما (أي إلى سورية والعراق) عبر نهري دجلة والفرات، خلافاً للاتفاقيات الثنائية والدولية. وعندما بدأت الأصوات تتعالى مطالبة الجهات الإقليمية والدولية للتدخل وإنقاذ مئات آلاف الأرواح، التي أصبحت رهينة الموقف التركي، تجاهلت حكومة أردوغان وعملاؤها من الإرهابيين الذين يأتمرون بأمرها، تجاهلوا جميع النداءات الإنسانية الدولية بهذا الشأن.

لا شك بأن تعطيش ما يزيد على مليون إنسان، بينهم أطفال وشيوخ ونساء ومعوقين ومرضى، عبر قطع مياه الشرب عنهم، هو أبشع أساليب الإرهاب، لاسيما في هذا الوقت، الذي ترتفع فيه درجات الحرارة إلى جانب جائحة كورونا وما تتطلبه من مراعاة قواعد النظافة.

ولكن من المؤسف أن الصمت الدولي حول هذه الجريمة التركية كان لافتاً للنظر، فلم يتم التعامل مع هذه الجريمة وفقاً للمواثيق والمعاهدات الدولية ولا انطلاقاً من اعتبارات إنسانية على الأقل، بل كان هناك غض نظر أو تعام متعمد عن هذه الجريمة التركية مراعاة لمصالح خاصة أنانية.

العدد 1102 - 03/4/2024