أكد أن سورية تخضع لدستورها.. وليس للتهديدات والرغبات الغربية

الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة (روسيا 24): استعادة إدلب أولوية.. وستمهد لتحرير المناطق الشرقية

أكّد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع قناة (روسيا 24)، أن الأولوية لسورية هي إدلب الآن، لذلك فإن أردوغان وبتوجيه من الأمريكيين يزج بكل قوته فيها، لأن تحرير إدلب يعني التوجه لتحرير المناطق الشرقية التي تنمو فيها حالة استياء شعبية كبيرة ضد الاحتلال الأمريكي، وهذا الغضب سيولد عمليات مقاومة ضد المحتلين.

وشدد الرئيس الأسد على أن الوعي الوطني لدى السوريين والقدرة الأسطورية الموجودة لديهم للتضحية والتي رأيناها بشكل أساسي من خلال الجيش العربي السوري هي أبرز عوامل قوة الدولة وصمودها في وجه الإرهاب وداعميه إضافة إلى دعم الأصدقاء سياسياً وعسكرياً واقتصاديا، مشيراً إلى أن الدولة السورية تخضع للدستور السوري ولا تخضع للتهديدات والرغبات الغربية أو أي عامل آخر، وأن الانتخابات النيابية ستكون خلال أشهر قليلة وسنستمر ضمن المواعيد الدستورية المحددة بغض النظر عن أي شيء آخر.

وأكد الرئيس الأسد أن العلاقة بين سورية وروسيا عمرها أكثر من ستة عقود من الزمن وهي علاقة شراكة وخاصة بعد الحرب أصبحت أقوى وأكثر وثوقية، مبيناً أن وجود القاعدة العسكرية الروسية في سورية ليس الهدف منه فقط محاربة الإرهاب وإنما إيجاد توازن دولي، سياسي وعسكري. وفيما يلي فقرات من إجابات الرئيس في هذه المقابلة:

++المشكلة الحقيقية ترتبط بالسياسة الأمريكية في ذلك الوقت عندما قررت الولايات المتحدة، من وجهة نظرها، أن الحكومات العلمانية في المنطقة، لم تعد قادرة على تنفيذ المخططات المرسومة لها، وأنا هنا أتحدث عن الدول الحليفة للولايات المتحدة، ولا أتحدث عن دولة مثل سورية التي لم تكن حليفة لها، فقرّروا استبدال هذه الأنظمة بأنظمة إخوانية تستخدم الدين من أجل قيادة عامة الناس، وبالتالي تصبح الأمور أسهل بالنسبة للمخططات الأمريكية والغربية بشكل عام، وبدأت عملية التبديل عبر ما سُمّي (الربيع العربي). طبعاً الدولة الإخوانية الوحيدة الموجودة في ذلك الوقت هي الدولة التركية من خلال أردوغان نفسه، وانتمائه الإخواني. قبل هذه المرحلة كانت علاقاتنا جيدة في المجال السياسي، والاقتصادي، وحتى إنه كان هناك تعاون أمني وعسكري.. لم تكن هناك أي مشاكل بيننا وبين تركيا، لم نقم بأي عمل ضدهم.. لم ندعم أي قوى ضدهم.. كنا نعتقد بأنهم جيران وإخوة، لكن الانتماء الإخواني لأردوغان أقوى من كل هذا الكلام.. فهو عاد إلى انتمائه الأصلي، وبنى سياسته مع سورية بناءً على هذه الحالة.. أي الانتماء للإخوان المسلمين. والمعروف أن الإخوان هم أول مجموعة اعتمدت العنف واستخدام الدين من أجل الوصول إلى السلطة. الآن لو طرحنا سؤالاً، لماذا يموت الجنود الأتراك في سورية؟ ما القضية؟ ما الخلاف؟ لا توجد قضية.. حتى أردوغان غير قادر على أن يقول الآن للأتراك لماذا يرسل جيشه ليقاتل في سورية.. لأن القضية وحيدة، هي قضية إخوانية لا علاقة لها بالمصالح العليا التركية، وإنما لها علاقة بإيديولوجيا أردوغان، وبالتالي على الشعب التركي أن يموت فقط من أجل هذه القضية، لذلك هو لا يستطيع أن يشرح الآن للشعب التركي لماذا يُقتل جنوده في سورية.

++سواءٌ نظرنا للقاءات المتعددة والكثيفة بين المسؤولين الروس والأتراك، أو اللقاءات المحدودة بين المسؤولين الأمنيين السوريين والأتراك مؤخراً خلال العامين الماضيين، بالرغم من العدوان التركي، كان هدفنا المشترك نحن وروسيا، هو أن نبعد تركيا عن النهج الذي سارت به ألا وهو دعم الإرهابيين، وأن نعيدها للمكان الطبيعي. لأنه بالنسبة لنا في سورية، وبالنسبة لكم، تركيا هي بلد جار، ومن الطبيعي أن تكون لديك علاقات سليمة مع الدولة الجارة.. من غير الطبيعي تحت أي عنوان، أو بسبب أي ظرف، أن تكون العلاقات سيئة. فإذاً سؤالك، هل من الممكن؟ طبعاً ممكن.. لكن لا يمكن أن نصل إلى هذه النتيجة وأردوغان يدعم الإرهابيين.. لابد من التخلي عن دعم الإرهاب.. عندها تعود الأمور، لأن العداء غير موجود بين الشعبين.. العداء سببه أحداث سياسية، أو سياسات ترتبط بمصالح خاصة، أما على مستوى الوطن السوري وعلى مستوى الوطن التركي، فلا خلافات ولا تناقضات، لذلك نعم، الجواب: لابد أن تعود هذه العلاقات طبيعية.

++التقيت بشخصيات تنتمي للإخوان المسلمين من دول عديدة، هو واحد منهم من تركيا.. هناك من كان من مصر.. هناك من كان من فلسطين وغيرهم، الكل قام بالعمل نفسه، كان يقول كلاماً جميلاً جداً عن سورية أو عن علاقة شخصية معي، ولكن عندما تتغير الأمور هو ينقلب ضده، هؤلاء هم الإخوان المسلمون، لا توجد لديهم أخلاق سياسية ولا أخلاق اجتماعية ولا أخلاق دينية. بالنسبة لهم الدين ليس خيراً وإنما عنف.. هذا هو مبدؤهم، لذلك من الطبيعي أن يقوم أردوغان بما قام به طالما أنه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. الانتهازية.. عدم الوضوح.. الكذب المستمر.. هذا جزء من طباعهم.

عوامل الانتصار

هناك عدة عوامل، خاصة أننا دولة صغرى، ولكن هذه العوامل هي التي تجعل منا دولة قوية في مثل هذه الحرب. أولاً، وهو أهم شيء: الوعي الوطني.. الوعي الشعبي.. لو لم يكن هناك وعي لدى الشعب السوري بأن ما يحصل هو نتيجة تآمر غربي على البلاد، لكانت سورية ربما ذهبت باتجاه الزوال أو التدمير بشكل سريع جداً. هذا الوعي الشعبي أدى لوحدة وطنية على اختلاف التوجهات، التوجهات السياسية قد تكون مختلفة.. الانتماءات الثقافية مختلفة.. الانتماءات الاجتماعية.. مختلف الشرائح.. عرقية، دينية، طائفية.. ولكن هذا الوعي جعلها كتلة واحدة مع الدولة في مواجهة الإرهاب، هذا عامل مهم جداً.

العامل الثاني هو القدرة الأسطورية الموجودة لدى الشعب على التضحية، والتي رأيناها بشكل أساسي من خلال الجيش العربي السوري، بالأحوال العادية تعتقد أن هذه التضحيات موجودة في الأفلام أو في الروايات فقط.. الحقيقة هي كانت موجودة في كل معركة من المعارك. هذا ما حمى البلد.. إضافة إلى تضحيات الجيش، الشعب نفسه ضحّى.. فهو يعيش ظروفاً صعبة جداً.. قصف مستمر، حصار، وضع اقتصادي سيئ، ومع ذلك فإن الشعب متمسك بوطنه.

العامل الثالث هو القطاع العام الذي لعب دوراً مهماً في تماسك الدولة، لذلك في أسوأ الظروف استمرت الرواتب والمدارس والخدمات اليومية للمواطنين، وتم تقديم الخدمات ولو بالحد الأدنى، لكي تبقى الحياة مستمرة، يُضاف لهذه العوامل وقوف أصدقائنا معنا، وفي مقدمتهم روسيا وإيران.. وقفوا معنا سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. كل هذه العوامل مع بعضها ساعدت على صمود سورية حتى اليوم.

++في كثير من المناطق التي تدخل إليها تكون خالية ربما من المدنيين الذين غادروا عندما دخل الإرهابيون. أول شيء نقوم به هو إعادة البنية التحتية لكي يتمكن أهالي تلك المناطق من العودة، أول شيء يحتاجونه هو الكهرباء، والماء، والطرق وباقي الخدمات، وعودة الشرطة والبلديات.. أي كل من يقدم الخدمات، هذا هو التحدي الأول. التحدي الثاني، وهو لا يقل أهمية، هو إعادة بناء المدارس لكي تكون جاهزة لاستقبال أبنائهم، إذا كانت البنية التحتية موجودة ولا أستطيع أن أرسل أبنائي إلى المدرسة، فماذا أفعل؟! لا يمكن أن أعود إلى هذه المنطقة، المدارس والخدمات الصحية، هذان المحوران هما الأساس بعد خروج الإرهابيين وعودة الأمن. طبعاً لاحقاً نقوم أيضاً بالتواصل مع الأهالي لنرى من تورط مع الإرهابيين بالأعمال المختلفة، كما قلت قبل قليل، ونذهب باتجاه المصالحة أو تسوية الأوضاع لكي تعود الحياة الطبيعية إلى هذه المدينة.

عندما أقول إن التسويات والمصالحات كانت ناجحة، لا يعني أن النجاح هو مئة بالمئة، لا يوجد شيء كامل. البعض من هؤلاء تبقى لديه الميول الإرهابية، والإيديولوجيا المتطرفة.. وهو يتعاون مع مجموعات متطرفة في أماكن أخرى، ويقوم بتنفيذ أعمال إرهابية. في الأسابيع القليلة الماضية كانت هناك عدة عمليات تفجير عبر وضع عبوات ناسفة في أماكن مختلفة.. في سيارات، وسقط عدد من الضحايا بسبب هذه الأعمال الإرهابية. لكن هذا لا يعني أن نتوقف عن عملية المصالحة، وإنما يعني أن نلاحق هذه الخلايا النائمة، وقد تمكنا من إلقاء القبض على عدد كبير منها.. ومع ذلك هي مازالت موجودة. ربما خلية واحدة تقوم بعدد من الأعمال التي تُظهر أن هناك منظمة كاملة تقوم بها، ولكن هي خلية من مجموعة أشخاص عندما تلقي القبض عليها تستعيد الأمان. لكن هذا التحدي سيبقى مستمراً، لأن الإرهاب لا يزال موجوداً في سورية، والدعم للإرهاب من الخارج لا يزال كبيراً، بالسلاح وبالمال.. فلن نتوقع أن نقضي على هذه الخلايا النائمة في الزمن المنظور، سنقضي على خلايا وستظهر هناك خلايا أخرى، حتى يعود الأمر إلى طبيعته في سورية.

++نحن دولة نخضع للدستور.. لا نخضع للتهديدات الغربية، لا نخضع للرغبات الغربية، ولا نخضع لأي عامل آخر سوى الدستور. لذلك في عدة مرات طُرح معنا تأجيل الاستحقاقات الدستورية، الرئاسية أو النيابية، ورفضنا خلال الحرب.. والانتخابات النيابية القادمة ستكون خلال أشهر قليلة، وسنستمر ضمن المواعيد المحددة بغض النظر عن أي شيء.

++معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سورية، ولكن بشكل غير معلن خوفاً من الضغوط. وكانت هذه الدول تعبّر عن وقوفها إلى جانب سورية وتمنياتها بانتصارنا على الإرهابيين، ولكن الضغط الغربي، الأمريكي تحديداً، كان شديداً على هذه الدول كي تبقى بعيدة وكي لا تفتح سفاراتها في سورية، وبشكل خاص دول الخليج.

أما أوربا فوضعها مختلف تماماً، الحقيقة نحن بالنسبة لنا أوربا منذ أكثر من عقد من الزمن، حتى قبل هذه الحرب، كانت غائبة عن الساحة السياسية العالمية. أوربا لم تعد موجودة منذ عام 2003. بعد دخول أمريكا إلى العراق، استسلمت أوربا كلياً للدولة الأمريكية، وأصبحت فقط منفذة لما تُكلَّف به من الحكومة الأمريكية. فسواء تواصلوا معنا أم لم يتواصلوا النتيجة نفسها.. إن فتحوا السفارات أو لم يفتحوها لا قيمة لهذا الكلام، لأننا التقينا بعدد من المسؤولين الأمنيين من معظم الدول الأوربية وتكلموا كلاماً موضوعياً، ولكنهم غير قادرين على التبديل، والبعض منهم قال لنا صراحة نحن لا نستطيع أن نغير.. السياسيون لدينا لا يستطيعون أن يغيروا سياساتهم بسبب ارتباط السياسة الأوربية بالسياسة الأمريكية. هم صعدوا إلى الشجرة ولم يعودوا قادرين على النزول عنها بكل بساطة. فلذلك الحقيقة نحن لا نضيّع وقتنا في الحديث عن الدور الأوربي والسياسة الأوربية. السيد هو السيد الأمريكي، نستطيع أن نتحدث عن الأمريكي فهذا يعني أوتوماتيكياً الأوربيين. لكن جواباً عن سؤالك، نعم هناك تغير، هناك قناعات واضحة بأن هذه الحرب لم تحقق ما تريده تلك الدول، أو بعض الدول الاستعمارية، وبأن من دفع الثمن هو الشعب السوري، ومن دفع الثمن هو الاستقرار، ومن دفع الثمن الآن هم الأوربيون.. مشكلة اللاجئين في أوربا مشكلة كبيرة، ولكنهم لن يغيروا في المدى المنظور. هذه قناعاتي.

++تركيا الآن بدأت بإرسال الدفعة الثانية من اللاجئين، كنوع من الابتزاز لأوربا، وأردوغان هدد سابقاً بأنه سيرسل لاجئين، وأمس كانت هناك فيديوهات منتشرة في وسائل الإعلام المختلفة حول بدء حركة اللاجئين باتجاه أوربا.

++عمر العلاقات بيننا وبينكم الآن أكثر من ستة عقود، وهي فترة ليست قصيرة. أنا أتحدث عن أجيال عدة، فإذاً نحن نعرف بعضنا بعضاً بشكل وثيق، وهناك تجارب مختلفة مرت بها هذه العلاقة، كل هذه الظروف التي مرت بها، بما فيها فترة التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، كانت العلاقة بيننا وبين روسيا علاقة احترام متبادل، أي هناك ندّية، لم نشعر بيوم من الأيام حتى في هذه الحرب بأن روسيا تحاول أن تفرض رأيها علينا. كانوا دائماً يتعاملون معنا باحترام، وحتى عندما نختلف كانوا يحترمون رأي الحكومة السورية. هذه قاعدة عامة عبر العقود الماضية لم تتغير.. لها علاقة بالعادات والتقاليد والمفاهيم الروسية. فإذاً على مستوى العلاقات الثنائية، العلاقة بين سورية وروسيا هي علاقة شراكة بكل وضوح، وخاصة الآن بعد الحرب.. هذه الشراكة أصبحت أقوى وأكثر وثوقيةً. أما لو أردنا النظر إلى العلاقة مع روسيا من جانب آخر، وهو الدور الدولي لروسيا، فالموضوع مختلف.. اليوم كثير من الدول الصغرى، وحتى متوسطة القوة في العالم، تنظر لدولة روسيا، وتستند للدور الروسي بشكل كبير، لأن واجب روسيا اليوم هو إعادة التوازن الدولي إلى الساحة الدولية، وجود القاعدة العسكرية الروسية في سورية ليس الهدف منه فقط محاربة الإرهابيين، وإنما إيجاد توازن دولي سياسي في مجلس الأمن، وعسكري في المناطق المختلفة، لاستعادة الدور الروسي. استعادة هذا الدور تخدم كل الدول.. سورية والدول الصغرى الأخرى والدول المتوسطة كما قلت، فهناك جانبان ننظر منهما إلى هذه العلاقة، علاقة شراكة على المستوى الثنائي، وعلاقة استناد إلى هذا الدور الدولي الذي نأمل أن يبقى في حالة صعود كما نراه الآن بعد أن أتى الرئيس بوتين إلى الرئاسة في عام 2000، واستعادت روسيا موقعها.

++عندما بنينا البنية التحتية في سورية في السبعينيات والثمانينات، لم يكن لدينا نفط في ذلك الوقت، فالبنية التحتية السورية بنيت بالأموال السورية وبالقدرات السورية. فإذاً لدينا الإمكانيات ونستطيع أن نؤمن موارد. بالوقت نفسه هناك الكثير من رؤوس الأموال السورية داخل سورية، ومعظمها الآن خارج سورية، ستأتي بكل تأكيد للمساهمة في هذه العملية. لكن منذ عام 2018 كانت هناك رغبة كبيرة من شركات كبرى خارج سورية، عربية وغير عربية، للمساهمة في عملية الإعمار. الذي حصل هو أن الضغوط والتهديدات الأمريكية للأفراد وللشركات كانت كبيرة، وهذا أخاف عدداً من الشركات، وهذا يحصل حتى بالنسبة للشركات الروسية.. عدد من الشركات الروسية التي ترغب بالاستثمار في سورية تخشى القيام بأي خطوة.. أيضاً الشركات الصينية في الإطار نفسه. لكن كل شيء له حل، ما حصل مؤخراً أن عدداً من الشركات الكبرى والعالمية بدأت تأتي إلى سورية بطرق مختلفة تتمكن خلالها من أن تتلافى هذه العقوبات. إذاً أصبحت هناك إمكانية لدخول هذه الشركات من دون أن تتعرض للعقوبات، لا يمكن أن نتحدث طبعاً ما هذه الأساليب والوسائل، ولكن بدأنا الآن نرى بداية عودة للاستثمار من الخارج.. صحيح أنها بطيئة ولكنها بداية جيدة على ما أعتقد، أو بداية واعدة لعملية الإعمار التي بدأنا بها ولم ننتظر.. بدأنا بها في بعض المناطق، ولكن عندما تتوسع لا بدّ أن يكون هناك عدد أكبر من الشركات والاستثمارات.

++طبعاً أهم شيء هو إعادة إعمار الضواحي المهدمة، هذا الشيء ستكون له أولوية على ما أعتقد للشركات الاستثمارية، وهذا ما رأيناه من خلال الرغبات التي طُرحت علينا من قبل الشركات. هذا المجال رابح بشكل أكيد، لكن هناك المجال الآخر وهو مجال النفط والغاز، في سورية.. هو مجال رابح أيضاً. والآن هناك عدد من الشركات الروسية التي بدأت العمل في سورية خلال الأعوام القليلة الماضية وبدأت بالإنتاج، وحالياً تقوم بخطط لزيادة الإنتاج. العائق الأكبر في التوسع في هذا المجال هو احتلال الإرهابيين والأمريكيين أهم المواقع التي تتوضع فيها آبار النفط في سورية. وطبعاً الأمريكي يعرف هذا الكلام لذلك هو يريد أن يعيق عملية إعادة الإعمار من خلال احتلال آبار النفط، فإذاً هذان المجالان هما الأهم، وطبعاً هناك مجالات كثيرة يحتاجها أي مجتمع، ولكن قد تأتي بأهمية أقل بالنسبة لتلك الشركات.

++صحيح، هذه عملية سرقة بكل معنى الكلمة.. ولكن إذا سُرقت الأموال فهذا لا يعني أن نتوقف كدولة وكمجتمع عن إنتاجها، لدينا القدرات، وهذا أحد أسباب قدرتنا على الحياة بعد تسع سنوات من الحرب، فإذاً لدينا قدرة وهم يعرفون تماماً إذا توقفت الحرب كلياً، فالمجتمع السوري قادر على النهوض وبقوة، وسيكون أكثر قوة من قبل الحرب في المجال الاقتصادي. لذلك هم لجؤوا إلى تهديد الشركات الخارجية والداخلية، بمعنى إذا كنت أنا كمواطن سوري أريد أن استثمر في سورية فسأتعرض للعقوبات، ومنع وصول الواردات النفطية إلى سورية، والأهم من ذلك استمرار الحرب.. الأمر الذي يخيف الشركات من المجيء إلى سورية. إذا زالت هذه العوامل الثلاثة، لا توجد لدينا أي مشكلة في إعادة إعمار البلد. لدينا موارد قوية في سورية، بشرية ومادية، ولدينا أصدقاء أوفياء أيضاً كروسيا وإيران سيقومون بمساعدتنا.

++++من الناحية العسكرية، الأولوية الآن لإدلب، لذلك ترى أن أردوغان زجّ بكل قوته، وطبعاً بتوجيه من الأمريكيين، لا شك بذلك، لأن تحرير إدلب يعني أن نتوجه لتحرير المناطق الشرقية. وأنا قلت في أكثر من مرة إن إدلب من الناحية العسكرية بالنسبة لهم هي مخفر متقدم، لذلك هم وضعوا كل قوتهم لإعاقة التحرير في إدلب لكيلا نتوجه شرقاً. لكن بالتوازي، إن لم نكن قد بدأنا حرباً في المنطقة الشرقية فنحن نتواصل مع المواطنين، وهناك استياء كبير وغضب من قبلهم تجاه الاحتلال الأمريكي، وهذا طبيعي، وتجاه المجموعات التي تعمل لمصلحة الأمريكيين.

أعتقد أن هذا الغضب سيتصاعد تدريجياً، وستبدأ هناك عمليات مقاومة ضد المحتلين. ومن واجب الدولة الوطني والدستوري، أن تدعم أي عمل يتم ضد أي قوة محتلة. وأعتقد مع الوقت عندما لا يكون لديهم جمهور يقف معهم، أي مع الأمريكيين، وإنما جمهور يقف ضد الاحتلال الأمريكي، لن تكون هناك إمكانية للبقاء.. لا من أجل النفط، ولا من أجل دعم الإرهابيين كـ (داعش) و(النصرة)، ولا لأي سبب آخر. والشيء نفسه طبعاً لا ننسى التركي الذي يحتل القسم الشمالي من الأراضي السورية، إن لم يخرج بالتفاوض السياسي، فلا بد أن يخرج بالقوة. هذا ما سنقوم به، هذا هو الواجب الوطني أيضاً لنا كسوريين.

++نحن نتواصل مع المجموعات الكردية السياسية الموجودة في المنطقة الشمالية من سورية، ولكن المشكلة هي أن بعض هذه المجموعات، وليس كلها، تعمل تحت السلطة الأمريكية. نحن لا نقول الأكراد، لأن الجزء الكبير من الأكراد هم من المجموعات أو العشائر الوطنية السورية الذين وقفوا مع الدولة، ولكن هذه المجموعات ليس لها صوت. من يسيطر على المنطقة هم مجموعات صغيرة تعمل مع الأمريكيين.

بالنسبة لما يسمونه أحياناً (القضية الكردية)، لا شيء اسمه القضية الكردية في سورية، لسبب بسيط.. هناك أكراد يعيشون في سورية تاريخياً، ولكن تلك المجموعات التي قدمت إلى الشمال أتت خلال القرن الماضي فقط بسبب القمع التركي لها واستضفناهم في سورية، وأتى الأكراد والأرمن ومجموعات مختلفة إلى سورية.. ولم تكن هناك مشكلة. لا توجد مشكلة سورية – أرمنية مثلاً، وهناك تنوّع كبير في سورية.. لا توجد لدينا مشكلة معهم، فلماذا تكون المشكلة مع الأكراد؟! المشكلة هي مع المجموعات التي بدأت تطرح طروحات انفصالية منذ عدة عقود.. بشكل أساسي في بداية الثمانينيات. ولكن عندما قامت الدولة التركية في مراحل مختلفة بقمع وقتل الأكراد في تركيا، نحن وقفنا معهم، لم نقف ضد قضيتهم إذا كانوا يسمونها قضية.

في سورية أخذوا جنسية، وهم لم يكونوا سوريين بالأساس، إذاً كنا دائماً إيجابيين تجاه الموضوع الكردي، وما تسمى (القضية الكردية) هي عبارة عن عنوان غير صحيح، عبارة عن عنوان وهمي كاذب.المشكلة في الوقت الراهن هي التعامل مع الأمريكي، الأمريكي محتل.. احتل أراضينا، والأمريكي لصٌّ يسرق النفط السوري. لا يمكن أن تكون في الوسط بين من يحمي القانون وبين من يخالف القانون، لا يمكن أن تكون مع الشرطي بالوقت نفسه مع اللص.. إما أن تكون مع الشرطي أو مع اللص. هذا كلام مستحيل. فلا يمكن أن نصل لنتائج في أي حوار معهم لو التقينا آلاف المرات، إلا عندما يحددون موقفاً واضحاً، وهو موقف وطني، أن تكون ضد الأمريكي، ضد الاحتلال وضد التركي لأنك أيضاً ضد الاحتلال.. التركي محتل والأمريكي محتل. هذا هو مطلبنا بكل بساطة، هو موقف وطني، لا يوجد لدينا شيء خاص نحن كحكومة مسؤولة عن الدستور وعن مصالحنا الوطنية، وكل الشعب السوري لا يقبل منهم إلا أن يكونوا ضد الاحتلال. أي شيء آخر، إذا كانت لديك مطالب أخرى، فكل الشعب السوري لديه مطالب مختلفة.. كيف نصل إلى نتيجة؟ نتحاور، وعندما نتحاور نحدد هل نغيّر الدستور؟ هل نغيّر القانون؟ هل نغيّر أي إجراءات أخرى؟ هذا ممكن.. هذا حوار سوري – سوري.. ولكن الحكومة في سورية لا تملك الدستور، الشعب هو الذي يملك الدستور، وهو الذي يغيّر الدستور.

العدد 1104 - 24/4/2024