الاستراتيجيات ونعم القول وضحالة الأفعال

الدكتور سنان علي ديب:

من المنطقي مباركة أي فعل أو برنامج صحيح يكون منطقياً في مواجهة واقع مؤلم و أمراض اعتل منها الجسد حتى شارف على فقدان الروح، كما هو واجب وطني وأخلاقي وقيمي لمن يسلطون الأضواء على الأخطاء والثغرات والتجاوزات والمعاناة بكافة اشكالها المجتمعية والجزئية والشخصية، فالنقد البناء محطة هامة لتصحيح الاعوجاجات وتصويب المسار نحو الهدف الأهم، بعد المحافظة على الأمن والأمان، ألا وهو التنمية بمختلف أنواعها وصولاً إلى العدالة الاجتماعية التي لا يمكن أن تكون من دون تطبيق القانون بحذافيره على الجميع، لا ليكون معاقباً وإنما مصوباً ورادعاً، ولن يكون هذا المسار من دون عودة قوية فعلية لقوة المؤسسات ولفعاليتها وتسخير قوتها لحماية الوطن والمواطن والقانون وبالقانون.

ما جعلنا ننطلق وفق هذه الآراء تطابق أفكارنا السابقة مع طروحات حكومية لاستراتيجية مواجهة الفساد، عبر استنفار كل طاقات المجتمع من منظمات ومجتمع أهلي ومؤسسات رقابية قائمة والسير به منذ لحظة إقراره، وهو رؤية صحيحة للوصول إلى الحالة الصفرية، عبر حل وطني جامع وفق حجم فساد متناقص ووفق حالة وطنية تنعكس على كل المواطنين، بما يحيط بالظاهرة المسرطنة ويقوضها. ولكن ما سمعناه لم نلمسه فعلاً، وأكيد هذه الاستراتيجية بحاجة إلى برنامج زمني وأدوات، وأهمها إصلاح إداري حقيقي فعال، وهو ما سمعنا عنه منذ سنة ونيف وفق رؤية صحيحة وعناوين جريئة، ولكن لم نشعر بتطبيقه، وهو ما يعتبر مثبطاً لاستراتيجية الإحاطة بالفساد. وكلا الحالتين مرتبطتان بأس ما أوصلنا إلى هنا من تعيينات لا يُعرف أساسها من راسها، أغلبها معتمد على الولاءات بعيداً عن الكفاءة والنزاهة. وهنا يخطر ببالنا الحادثة التي حصلت مع ديغول عندما وصله عميل لاستخبارات خارجية يريد تدمير جمهوريته، وبعد جهد جهيد كشفه وهو ممن يوصفون بحسن السلوك، ولما كاشفه سأله ماذا كنت تفعل لتخدم مشغليك؟ قال كنت أضع الإنسان في المكان غير المناسب

وهذا أخطر سلاح. وكم من ألف إنسان وضعوا في المكان غير المناسب في فترة الانقلاب الاقتصادي الاجتماعي، ومازال الكثير منهم مستمراً!؟

وكم من أمثال الجاسوس ضد الديغولية زرعت الاستخبارات الغربية؟! كل هذا لا يهم. فما نجده من سيرورة الأحداث أن استقلالية وحمائية القرار الوطني البناء قد زاد، وبانتظار افعال تكرم الوطن والمواطن.

العدد 1104 - 24/4/2024