من أعلام اليسار الماركسي (9) .. أنطون تابت 

رأى أنطون النور في عام 1905. درس الهندسة، وحلمه هو الرسم والعمارة. أما صديقه جورج شحادة فكان يدرس الحقوق ويحلم بالشعر.

في عام 1926 تخرج في المعهد العالي للهندسة ببيروت، وبعد سنة غادر إلى باريس كي يتخصص في العمارة. التقى أنطون هناك بسورياليي باريس واكتشف اهتماماتها الفنية والسياسية. في تلك الفترة شهدت السوريالية تحولاً في موقعها من حركة سياسية ترفض الانضواء تحت إيديولوجيا محددة، إلى تحالف مع الماركسية.

بعد العودة إلى بيروت سرعان ما صعد أنطون تابت في المجالين المهني والإبداعي بصفته مهندسا لأهم المنشآت المعمارية، وفي مقدمتها مبنى السان جورج في بيروت، والأوريان بالاس بدمشق. ومبنى الأوريان بالاس هذا هو أول مبنى في سورية يستعمل الباطون المسلح للفتحات الطويلة (عشرة أمتار في ذلك الوقت).

افتتح أنطون تابت مكتبه الخاص لهندسة العمارة الحديثة. وهنا تأسست (الحركة المناهضة للفاشية والنازية)، كما أسهم أنطون تابت سوية مع عمر فاخوري ورئيف خوري… في تأسيس مجلة (الطريق) الثقافية. وصار مكتب أنطون تابت يستضيف أول خميس من كل شهر المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون.

صار أنطون تابت عضواً فاعلاً في مجلس السلم العالمي، إضافة إلى الإشراف على مجلة (الطريق) وعمله المهني الإبداعي في مكتبه الهندسي المعماري.

سارت المجلة بلا صخب يذكر لولا (حادثة) رئيف خوري المؤلمة والمحزنة. وتراجعت المجلة في الثمانينيات عندما كتب دكروب في الثمانينيات: كلمة وفاء أمام رئيف، ففضله على (الطريق) كبير.

استقطبت حركة أنصار السلم شخصيات دينية مرموقة بنزعات إنسانية، مثل محمد الأشمر (في سورية)، وعبد الله علايلي وهاني حفص (في لبنان).

صدرت كتابات أنطون تابت في كتاب بعنوان (مختارات).

(الطريق) كما قالوا عنها: (شجرة يسارية في العالم ثمارها أزهرت وذبلت وأزهرت وذبلت، وهكذا ليست مقطوعة من شجرة).

في عام 1964 أعلمتنا منظمة الحزب بموسكو الحضور لإلقاء نظرة الوداع الأخير على الشخصية الشيوعية المرموقة أنطون تابت، وكنا نتناوب الوقوف أربعة أربعة، وقبل أن يأتي دورنا همس في أذني فخر دكروب (شقيق محمد دكروب): هل تعرف ذاك المسن الفوضوي في شعره الطويل الأشعث والمنبوش، وحركة اليد الغريبة العجيبة؟ فأجبت بالنفي. فقال: هذا إيليا إهرنبورغ، ومن ورائه تقف ثلة من شخصيات أنصار السلم العالمية والسوفيتية.

وكانت أطروحة الماجستير التي دافعت عنها في عام 1968هي عن أهرنبورغ.

العدد 1102 - 03/4/2024