الجعفري: أيّ مسار سياسي يجب أن يتضمن الوقوف إلى جانب سورية ضد الإرهاب وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي ورفع الإجراءات الاقتصادية

أكد الدكتور بشار الجعفري (مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة) أن أي مسار سياسي لا يتضمن الوقوف إلى جانب سورية في حربها على الإرهاب، وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي على أراضيها، ورفع الإجراءات الاقتصادية يبقى حلاً غير واقعي ولا أفق له.

وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن يوم الخميس 27/6/2019، حول الوضع في سورية: إن الصمت المطبق لمجلس الأمن بعد مرور أكثر من نصف قرن على احتلال (إسرائيل) للجولان السوري شجع الإدارة الأمريكية على محاولة التنصل من مستلزمات قرار المجلس رقم 497 لعام 1981 الذي اعتبر فرض قوانينها وإدارتها في الجولان لاغياً وباطلاً ولا أثر قانونياً له على الصعيد الدولي، مبيّناً أن محاولة التنصل هذه تجلت بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير الشرعي بشأن الجولان ضارباً عرض الحائط بالتزام الإدارات الأمريكية السابقة كافة بمقتضيات القرار 497.

وأشار الجعفري إلى أن صمت مجلس الأمن شجع أيضاً كيان الاحتلال الإسرائيلي وبحماية وتشجيع الولايات المتحدة وحفنة من الدول الأعضاء على الاستمرار في احتلاله الأراضي العربية وقضم الأراضي وتوسيع المستوطنات والتنصل من التزامات السلام العادل الشامل ودفع المنطقة بشكل غير مسبوق تجاه الحرب ناهيك عن تحالف هذا الاحتلال الإسرائيلي مع قطعان الإرهاب التكفيري، الذي تجلى خلال السنوات الماضية في دعمه متعدد الأوجه للعصابات الإرهابية في منطقة الفصل وارتكاب العدوان تلو الآخر على سورية بهدف رفع معنويات المجموعات الإرهابية.

وأوضح الجعفري أن الموقف الاستهتاري الأمريكي الإسرائيلي بالقانون الدولي وبقرارات الأمم المتحدة لم يقتصر على هذا الحد فقط، إذ عمد كيان الاحتلال إلى رفع درجة التأزيم والتصعيد مؤخراً عبر إقامته مستوطنة جديدة في الجولان السوري المحتل باسم الرئيس الأمريكي الذي انتهك قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي بإعلانه غير الشرعي بشأن الجولان الذي لا يملك هو ولا غيره حق التصرف به.

وبيّن الجعفري أن هذا الصمت شجع بعض كبار موظفي الأمم المتحدة على التنصل من الالتزامات المترتبة عليهم بموجب الولاية التي منحتها لهم الدول الأعضاء، وفي مقدمتهم المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف الذي يستمر بتجاوز طبيعة وحدود مهمته وولايته، فهو ما زال مصمماً وفي نهج استفزازي غير مقبول على تجاهل الحديث عن الأوضاع في الجولان السوري المحتل وعلى إغفال موقف الأمم المتحدة من احتلاله رغم عشرات القرارات الصادرة عن المنظمة الدولية ولا سيما عن مجلس الأمن بهذا الخصوص، إضافة إلى تعمده في إحاطاته الدورية المقدمة إلى مجلس الأمن تجاهل الحديث عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في الجولان السوري المحتل، وآخرها إحاطته قبل أسبوع التي لم يورد فيها قيام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعقد اجتماع لها في الجولان بتاريخ الـ 16 من الشهر الجاري، ولا إعلانها عن إقامة مستوطنة جديدة في الجولان باسم (ترامب) في حين أنه لم يتوان سابقاً بإعلام مجلس الأمن بشكل مفصل عن (شاة عبرت) خط الفصل إلى الجزء المحتل من الجولان السوري، كما لم يتوان زملاؤه من باقي كبار موظفي الأمم المتحدة عن إثارة مسألة منح الحكومة السورية تأشيرة هنا ورفضها هناك.

وبين الجعفري أن محاولات تكريس الاحتلال الإسرائيلي ترافقت خلال السنوات الماضية مع رعاية دول غربية كبرى لإيديولوجيات التطرف والإرهاب ومحاولة استبدال الإسلام الروحي بإسلام سياسي لا يمت بأي صلة لمبادئ الإسلام الحنيف، الأمر الذي حدا بأردوغان، بعد أن تخلت عنه أوروبا وبددت حلمه بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلى الالتفات

نحو جيرانه شرقاً وجنوباً محاولاً إحياء أوهام السلطنة العثمانية وأطماع استعمارية غابرة أفلت ولن تعود، موضحاً أن أردوغان اعتقد واهماً أن حلم (إحياء الخلافة) يمكن أن يتحقق بعد استيلاء بعض قيادات الإسلام السياسي على السلطة في بعض الدول العربية بعد سفك هائل للدماء وتخريب غير مسبوق تغزل به البعض واصفاً إياه بـ (الربيع) فانخرط بمخطط إرهابي كبير يستهدف تدمير سورية فاتحاً حدود بلاده المشتركة معنا لتسهيل مرور آلاف الإرهابيين الأجانب إلى سورية، بعد أن أقام معسكرات تدريب لهم وقدم لهم كل أنواع الأسلحة والدعم اللوجستي، وأتبع ذلك بعدوان عسكري مباشر واحتلال أجزاء من سورية.

ولفت الجعفري إلى ضرورة التزام الدول بقرارات مجلس الأمن وبأحكام الميثاق وخاصة المادة 2 منه التي نصت في فقراتها الأولى والرابعة والسابعة على احترام مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها، وعلى امتناع الدول في علاقاتها الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة، وعلى أنه ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما، مشيراً إلى أن الصحوة والإقرار بالذنب والعودة إلى هذه المبادئ السامية هي ما ستضمن وحدة مجلس الأمن ودفاعه عن أحكام الميثاق وإعطاء الدفع والدعم اللازمين للمبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون وكذلك للأطراف الجادة في السعي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة ولتنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب.

وجدد الجعفري التأكيد على استعداد سورية للتعاون مع المبعوث الخاص من أجل إنجاح مهمته المتمثلة في تيسير حوار سوري-سوري بقيادة وملكية سورية بهدف دفع المسار السياسي قدماً والذي هو مصلحة سورية قبل أن تكون مصلحة أي طرف آخر، وتأكيدها أيضاً أن ما يجري فيها لا يمكن اختزاله بالاختلاف على بعض الأسماء والإجراءات الخاصة بتشكيل لجنة مناقشة الدستور رغم أهمية ذلك (فالصورة أوسع من ذلك بكثير لأن هذه المسألة هي الجزء الصغير البارز فقط من جبل الثلج)، مشيراً إلى أن أي مسار سياسي لا يأخذ بالاعتبار تكاتف جهود الجميع والوقوف إلى جانب الحكومة السورية للقضاء على الإرهاب ومن دون إنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي على كامل الأراضي السورية ورفع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب عنها والمحافظة على وحدة وسيادة واستقلال سورية يبقى حلاً غير واقعي ولا أفق له.

العدد 1105 - 01/5/2024