بين دخل السوريين ونفقاتهم… فجوة تزداد اتساعاً

ولاء العنيد:
لقمة مغمسة بالدم، تعبير اعتاد الشعب السوري على استخدامه، أثناء حديثهم عن وضعهم المعيشي، لاختصار مدى تعبهم وشقائهم لتأمين لقمة عيشهم، في ظل ظروف الحرب والتهجير التي يعيش المواطن السوري فيها.
أحوال اقتصادية قاسية، وظروف معيشية خانقة، تلازم المواطن السوري منذ بداية الحرب حتى اليوم، وفي كل عام تصبح الاوضاع الاقتصادية أكثر صعوبة، بسبب التضخم الذي تشهده الاسواق السورية، الذي أصبح من شبه المستحيل أن يجاريه دخل الناس، ووفق دراسة للمكتب المركزي للإحصاء تبين أن متوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية لعام 2018 بلغ 325 ألف ليرة، مقسمة على الغذاء والصحة والتعليم والمواصلات إلى جانب تسديد إيجارات البيوت التي أصبحت أحد منافذ الدخل التي لم تكن موجودة في السابق بهذا الحجم، إضافة إلى قطاع التعليم الخاص الذي اتجه نحوه الكثير من المواطنين لضعف المستوى التعليمي في التعليم الحكومي…كل هذه العوامل والمتغيرات سببت ضغوطاً اقتصادية كبيرة جداً على المواطن السوري تركته يحاول سد الفجوة الكبيرة بين الدخل والمصروف.
ففي حين أن الشريحة الأوسع من الشعب السوري تعمل في القطاع العام او الخاص أي أن مستوى الرواتب يتراوح بين 50 ألفاً و 150 ألف ليرة سورية، وحتى لو كان هناك أكثر من شخص منتج في الأسرة الواحدة فلن يكون مجموع الدخل النهائي يتجاوز 300 ألف، وإن وزع هذا الناتج على إيجار البيت ونفقات التدفئة الاساسية في حدها الأدنى فلن يبقى للمواطن السوري سوى نصف المبلغ لإنفاقه على مستلزماته المعيشية الأساسية، إلى جانب الفواتير المستحقة في كل شهر، أي أن الشريحة الأكبر من المواطنين الذين باتوا ينتمون للطبقة الفقيرة والمتوسطة الفقيرة تعيش على الحد الأدنى من الغذاء والأساسيات.
تقول سيدة تعمل في القطاع العام إنها تعمل منذ أكثر من 15 عاماً هي وزوجها إلى جانب اثنتين من بناتها ولا يزيد دخلهم الشهري مجتمعين عن 250 ألف ليرة، وأضافت إنه عندما سُرق مرتب زوجها في إحدى المرات عانوا من ضائقة مادية كبيرة وتراكمت عليهم ديون إضافية.
بينما ذكر أحد الشباب أنه يعمل في شركة خاصة بدوام صباحي، ثم في معمل للصناعات الجلدية في المساء، وأضاف إن زوجته تعمل في مجال التدريس ومتابعة الطلاب، ورغم ذلك يحاولون تقنين نفقاتهم ليستطيعوا تحمل غلاء أسعار المواد الاستهلاكية.
إن حال هذه العوائل يمثل أوضاع أغلب الشعب السوري في هذه الفترة، لذلك يبقى الأمل معلقاً بمن يدير عجلة الإنتاج والحكومة السورية التي تستطيع أن تؤثر على الأوضاع الاقتصادية وتدفع عجلة الاقتصاد نحو الأمام، وإيقاف نشاط القوى الاحتكارية التي تتحكم في الأسواق، ومساعدة العاملين في القطاعين العام والخاص عبر زيادة الحد الأدنى للرواتب والأجور لتسهيل تأمين مستلزمات الحياة المعيشية، إضافة إلى دعم الفئات الأكثر تضرراً وحرماناً وهم ذوو الشهداء ومصابو الحرب والمهجرون، وتعزيز دور القطاع العام ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لأنها ستكون صمام الأمان للاقتصاد السوري.

العدد 1104 - 24/4/2024