المجتمع شريك في الجريمة 

ولاء العنيد :

فتاة (19 ربيعاً) طلبت الطلاق، فكان الجواب عشر قطب في الرأس وكسر في الساعد الأيمن والكثير الكثير من الكدمات التي غطت جسدها الغض، هل كان ذنبها أنها طلبت الطلاق، أم لأنها تزوجت من شخص لم يكن يملك في قلبه ذرة من إنسانية؟ حالات كثيرة مشابهة تصبح المرأة بها منفذاً لغضب الرجل (زوجاَ أو أخاً وحتى أباً)، ولأننا في مجتمع شرقي يمنع النساء من المطالبة بحقوقهن ويسمح للرجل بالعيش كما يريد وفعل ما يريد بلا رادع ولا قيود، بات العنف ضد المرأة ظاهرة منتشرة ينتهك بها جسد المرأة الضعيف بالضرب وتترك منهكة القوى جريحة متألمة من دون أدنى إحساس بالشفقة اتجاهها.

في حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة، ظهرت شعارات وفعاليات تدعو لحمايتها وتؤكد رفضها للعنف الموجه ضدها من عنف لفظي وجسدي، كل هذه الحملات كان لها هدف واحد: نشر ثقافة أن للمرأة حقوقاً يجب أن تطالب بها وأهمها عدم السماح لأحد باستغلال ضعفها، ولكن كيف؟ اقتصرت أغلب الحملات على الشعارات المنددة وقلة قليلة حاولوا إخراجها من بوتقة قلة الثقافة وقلة الحيلة ودفعوا بها لتعلم مهنة يدوية لتكون قادرة على إعالة نفسها والاستقرار مالياً فيعززون بهذا ثقتها بنفسها، ولكن ماذا عن تلك النساء التي يصعب الوصول إليهن؟ ألا يجدر أن يسن قوانين صارمة تمنع العنف الموجه على المرأة وتكون رادعة لأي معنف دون أن تخاف من كلمات المجتمع التي تدينها إن اشتكت على معنّفها وجعلت القانون يقتص منه؟ ألا يجدر بنا كمجتمع الوقوف معها لا ضدها ومساعدتها لرفع الظلم عنها وأن يكون هناك جمعيات أهلية تحميها وتساعدها وتقف إلى جانبها وترعاها في حال تخلت عنها أسرتها خوفاً من أحكام المجتمع لأنها اشتكت على زوجها وتركت مع أطفالها بلا معيل. لا يكفي أن نندد وأن نناهض العنف من دون أن نعمل على تغيير ثقافة المجتمع وتغيير طريقة تفكير الرجال والنساء على حد سواء وتأمين مأوى مناسب يحميها من غدر المجتمع بها ونكرانه لها على شجاعتها برفضها أن تبقى غاضعة ضعيفة معنفة. فـ 16 يوماً لا تكفي لتغيير طريقة تفكير متوارثة بين الأجيال، فليكن هناك 365 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة.

العدد 1104 - 24/4/2024