نقطة في آخر العام! 

محمود هلال:

تتوالى الأيام ويمضي الزمن مسرعاً.. أيام قليلة ونضع نقطة في آخر العام، ونودع عاماً آخر من الأعوام القاسية والصعبة التي مرت علينا خلال السنوات الثماني الماضية، ونستقبل عاماً جديداً وكلنا أمل أن يكون أفضل وأجمل من سابقيه. غريب أمر هذا الزمان، وكأن الأيام تدور دوراناً أسرع من ذلك الزمان الماضي بكثير، وكأن الوقت يضيق أكثر فأكثر، فيمضي العام دون أن نستطيع أن نحقق فيه أحلامنا، فندورها مرغمين إلى العام الذي يليه، وهكذا ننقلها من عام إلى آخر لتتضاءل وتنكسر! هل هذا هو شعوري وحدي؟ أم أن هناك من يشاطرني هذا الشعور؟ وهل هناك من يستطيع أن يوقف عجلة الزمن لكي نحقق أحلامنا المؤجلة، أو لكي تدوم اللحظات الجميلة التي عشناها في الزمن الماضي لوقت أطول؟  بدأت الرسائل والتهاني بالعام الجديد التي تحمل الصيغة ذاتها (نتمنى أن تحقق في هذا العام جميع أمنياتك، وأن تكون هذه السنة أفضل من التي سبقتها)، لكن يبقي السؤال: متى يأتي ذلك العام الذي نحقق فيه كل ما نتمناه؟ وإلى متى ستبقى أحلامنا مؤجلة؟ ما هو ملاحظ أننا نعيش في زمن يحمل الكثير من القلق والخوف والتوجس من المستقبل، هل سبب ذلك السرعة الزائدة التي نعيشها في هذا العصر، وأصبحنا غير قادرين على مواكبته واللحاق به؟ أم بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعاشية عندنا وفيما حولنا التي تبشر بالبؤس والفقر والجوع والعنف، أم بسبب ما نسمعه ونشاهده عبر وسائل الإعلام كل يوم وكل ساعة يصدمنا ويزيد من إحباطنا ويقلل من نفحات التفاؤل في نفوسنا..

نسمع كثيراً من آبائنا وأجدادنا أنهم كانوا يعيشون أفضل منا، وأنا أستغرب كيف كان هؤلاء يعيشون أفضل، إذا كان كثير من وسائل الحياة الضرورية ووسائل الرفاهية معدومة في زمانهم، إذ لا يعرفون آنذاك الكهرباء ولا الاتصالات ولا التكنولوجيا ووسائل النقل شبه معدومة، وحتى النقود كانت قليلة؟  أعود وأكرر السؤال: لماذا يكون ذلك الزمان أفضل؟ هل لأن الناس في الماضي كانوا يتدبرون أمورهم الحياتية والمعاشية ببساطة أكثر، أم كانوا يعيشون على مبدأ (الحياة حلوة بس نفهمها)، ونحن الآن لا نستطيع فهم هذه الحياة، حتى بتنا نتحايل عليها؟ أم كان هناك تسامح أكثر ومحبة أكبر بين هؤلاء البشر، أم الطيبة والأخلاق الحميدة كانت موجودة عند الجميع، أم الجميع كانوا يعدون أنفسهم أسرة واحدة يساعد فيها الغني الفقير، فكانت أحوالهم بألف خير وعاشوا بأمان واطمئنان وراحة بال أكثر؟ بقي أن أقول: ما أتمناه هو أن يكون هذا العام أفضل من سلفه، وأن لا يكون أسوأ منه على أقل تقدير، وأن نتسامح بالأمل والتفاؤل من جديد، وأن نعمل على تحقيق أحلامنا بالعمل لا بالتمني فقط، وأن لا يدخل اليأس إلى قلوبنا، وأن نشرع الأبواب للعام الجديد ونلاقيه بابتسامة أكبر وعزيمة أكبر ونقول له: أهلاً!

العدد 1104 - 24/4/2024