القمة الرباعية: تأكيد على (محاربة الإرهاب ووحدة سورية وسيادتها).. فليخرج الأمريكيون والأتراك!

لقاءات ثنائية سبقت القمة الرباعية في اسطنبول، وجاء البيان الختامي متوافقاً مع مضمون جميع الجهود السلمية الدولية التي تبذل لحل الأزمة السورية، ولم تشهد القمة اختراقاً مهماً، إلاّ إذا اعتبرنا تعهد الدول الثلاث فرنسا وألمانيا وتركيا (العمل معا لتهيئة الظروف التي تشجع على حل سياسي يحقق السلام والاستقرار في سورية) تراجعاً عن التدخل في شؤونه، هذا التدخل الذي ساند المنظمات الإرهابية والجماعات المسلحة خلال ثماني سنوات، ليس على الصعيد السياسي والمالي فقط، بل من خلال الدعم العسكري واللوجستي.

لقد أكدت القمة التمسك بسيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في جهود تسوية الأزمة السورية مع رفض الأجندات الانفصالية التي تهدد سيادة سورية ووحدتها والأمن القومي للدول المجاورة، وأن حل الأزمة السورية لن يكون عسكرياً، وإنما يتحقق عبر مسار سياسي قائم على المفاوضات بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ومواصلة العمل المشترك ضد الإرهاب حتى القضاء التام على تنظيمي (داعش) و(جبهة النصرة) والأفراد والجماعات والتنظيمات التي لها صلة بـ(القاعدة) أو (داعش) وغيرها التي يصنفها مجلس الأمن الدولي إرهابية، ودعت إلى تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري الجديد قبل نهاية عام 2018 بهدف تحقيق الإصلاح الدستوري وتهيئة الأرضية لانتخابات حرة ونزيهة برعاية أممية يشارك فيها جميع السوريون بمن فيهم المغتربون، وتلبي أعلى معايير الشفافية والشرعية.

من حيث المبدأ، فإن ما جاء في بيان القمة يتوافق مع سعي الحكومة السورية منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي، إلى تأييد الجهود السلمية لحل الأزمة، لكن الغائب الأكبر عن بيان القمة الرباعية كان التدخل العسكري الأمريكي والتركي، الذي ساهم بجميع المقاييس في شد أزر الجماعات الإرهابية والتنظيمات المسلحة، إضافة إلى احتلال عفرين، وبسط السيطرة على مناطق أخرى عن طريق معارضيها (المعتدلين).

ونسأل هنا: كيف نثق بالتعهد التركي بسيادة سورية، وجيش أردوغان يحتل مدينة عفرين، ويشرد أهلها، ويفرض الهوية التركية في إعزاز؟!

نعتقد أن الأمريكيين لم يكونوا بعيدين عن التحضير لعقد هذه القمة، وربما ساهموا في التوصل إلى تفاهمات جرت في كواليسها، لكن إصرارهم على استمرار الوجود على الأرض السورية، إضافة إلى الاحتلال التركي لعفرين، هو ما يثير الشكوك بجدوى ما جاء في البيان الختامي لهذه القمة.

لسنا متشائمين بمسارات التسوية السياسية، بل نؤكد ضرورتها لإنهاء الأزمة السورية، والحفاظ على حقوق الشعب السوري السياسية والدستورية، واحترام خياراته، لكننا نطالب هنا باقتران الأقوال بالأفعال.

إذاً، فلتخرج القوات الأمريكية والتركية من الأراضي السورية، ولترفع العقوبات والحصار الاقتصادي على بلادنا، وليكفّ الجميع عن وضع الشروط المسبقة لبدء العملية السياسية، وليساعدوا على عودة السوريين إلى بلادهم دون عراقيل!

وفي النهاية، السوريون يريدون أفعالاً.. فقد شبعوا من الأقوال!

العدد 1104 - 24/4/2024