المسؤولية تنبع من الداخل

ولاء العنيد: 

انتهى شهر تشرين الأول، وانتهت معه أكبر حملة حول العالم للتوعية استهدفت كل النساء في كل القارات والبلدان الفقيرة والغنية، كان همّها الأول نشر ذاك الشريط الزهري الذي يرمز لها، وقد تضامن معها كثيرون: منظمات دولية، وشركات عالمية، ومشاهير من كل مكان استخدموا شهرتهم في سبيل التوعية من أحد أكبر مخاوف النساء حول العالم، والتوعية بأهمية إجراء فحوص دورية حرصاً على سلامتها من الإصابة بسرطان الثدي.

ولم تكن المؤسسات الاجتماعية في سورية بعيدة عن هذه الحملة، بل شاركت فيها، وكان لها دور كبير في حث الكثير من السيدات على الخضوع لفحوص دورية. ولم يقتصر الأمر على المؤسسات الاجتماعية، بل شاركت العديد من الجمعيات والمجموعات التطوعية بهذه الحملة إلى جانب بعض الشركات التجارية التي فضلت أن يكون لها دور مؤثر في المجتمع يقع تحت مظلة المسؤولية الاجتماعية التي تهدف إلى تبني الأفكار التي تساهم في التوعية والتثقيف وتطوير مجتمعاتنا وحمايتها. وهذا يضعنا أمام سؤال لماذا لا يكون هناك حملات محلية للتوعية في مختلف مجالات الحياة تتبناها الشركات والمنظمات المحلية وتسعى إلى نشرها بالتعاون مع الفرق التطوعية؟ لماذا لا يكون هناك تعاون بين الشركات والمنظمات الدولية والمحلية للتوعية في كل مرة عن أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع السوري، ليكن هناك حملات لزرع ابتسامة على وجوه الأطفال المصابين بالسرطان! وحملات للتوعية بأهمية التعليم، وغيرها للحث على دمج المصابين وجرحى حرب السنوات الماضية في المجتمع ممن أصابتهم إعاقة بدنية أو خسروا أحد أطرفهم! ولتطرق جميع النواحي من حملات بيئية وأخرى تثقيفية وغيرها للرعاية والتوعية من الأمراض كهشاشة العظام وداء السكري وغيرها من الأمراض.

ليقف كل واحد منا ويفكر لثوانٍ معدودة: كم سيكون حجم التأثير الذي سيسببه إن بادر لإقامة حملة تضع نصب عينيها المسؤولية الاجتماعية! وكم سيكون مدى الاستفادة واسعاً إن ساهم كل شخص في مكانه بدعم هذه الفكرة أو ظاهرة من مظاهر المسؤولية المجتمعية، كل طالب في جامعته وكل شاب في عمله وكل طبيبة في عيادتها وحتى كل شركة بمختلف مجالاتها! إنها علاقة ربحية بين طرفين الأول هو المجتمع الذي سيتطور بسرعة ويمسح عنه تخلفه وجهله، والثاني هي الشركات التجارية التي اعتدنا أن يكون همها الأول الربح، ليكون هدفها، مرة على الأقل، فائدة البلد وأبناء البلد.
يقاس وعي المجتمعات بوعي الناس الذين يشكلون هذه المجتمعات، وكلما كان إحساسنا بالمسؤولية كبيراً اتجاه من حولنا من أشخاص وبيئة وأفكار، كانت تصرفاتنا أكثر عطاء ومحبة، فلطالما ألقت المسؤولية الاجتماعية بظلال خيرها على الجميع.

العدد 1104 - 24/4/2024