القمة الرباعية تؤكد ضرورة الحل السياسي في سورية

أكدت القمة الرباعية لروسيا وتركيا وألمانيا وفرنسا حول سورية ضرورة الحل السياسي للأزمة في البلاد، وشددت على دعمها للاتفاق الروسي – التركي حول إدلب.

وخلال مؤتمر صحفي مشترك لزعماء الدول الأربع، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو تحتفظ لنفسها بحق مساعدة دمشق في القضاء على أي بؤرة إرهابية في إدلب، إذا استمرت هجمات المسلحين من هناك، وأكد بوتين أن المجتمعين (قاموا بعمل جدي بهدف تنسيق نهجها في المسائل المبدئية المتعلقة بالتسوية السورية)، مؤكداً أن البيان الختامي المعتمد نتيجة مباحثات القمة يعكس سعي الدول الأربع إلى توسيع التعاون خدمة لمصلحة تطبيع الوضع في سورية، وإطلاق حوار داخلي سوري فعال، وإجراء إصلاحات لازمة. وأضاف أن جميع الأطراف المشاركة في القمة تؤيد ضرورة الحفاظ على سيادة أراضي سورية ووحدتها، وتحقيق الاستقرار على الأمد الطويل بوسائل سياسية – دبلوماسية لا غيرها بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.

وشدد بوتين على ضرورة القضاء على (كل العناصر الراديكالية) على الأراضي السورية، مؤكداً أن إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب إجراء مؤقت.

وتابع: (في حال واصلت العناصر الراديكالية عرقلة إتمام المهمة واستمرت استفزازاتها المسلحة مستخدمة منطقة إدلب كنقطة الانطلاق لها، فستحتفظ روسيا لنفسها بحق تقديم الدعم الفعال للحكومة السورية في إجراءاتها الحاسمة الهادفة إلى القضاء على هذه البؤرة من الخطر الإرهابي. ينبغي ألا نسمح للمجرمين الذين تلقوا تجربة قتالية بمواصلة أنشطتهم الإجرامية وخلق خلايا نائمة في دولنا وتجنيد عناصر جدد في صفوفهم ونشر أيديولوجيا التطرف والإرهاب).

وأشار بوتين إلى أن البلاد تشهد حالياً مرحلة انتقال إلى الحياة السلمية الطبيعية بعد تحرير معظم أراضيها من الإرهاب، وأن تحديد مصير البلاد يجب أن يكون في أيدي السوريين أنفسهم.

وشدد بوتين على أهمية إطلاق عمل اللجنة الدستورية في جنيف التي ستحظى بالاعتراف بشرعيتها من قبل جميع أطراف الأزمة السورية، قبل انتهاء العام الجاري، مع الأخذ في الحسبان مقررات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي.

وأكد أن العمل على تشكيل لجنة صياغة الدستور يجب أن يتم على نحو تحترم فيه الحكومة السورية، بعيداً عن محاولات الضغط عليها، ودعا السلطات السورية إلى الانخراط في حوار بناء مع المعارضة.

وبخصوص ما يعرف بـ(القائمة الثالثة) (قائمة المجتمع المدني) للجنة الدستورية، قال بوتين إنه يجب أن تتكون من الأشخاص الذين يتمتعون بالثقة من الطرفين، أي الحكومة والمعارضة، على حد سواء، مضيفاً إن قائمتي الحكومة والمعارضة شكّلتا.

وأعلن الرئيس الروسي أنه لا يمكن معالجة مسألة إطلاق الحوار الداخلي في البلاد دون مشاركة إيران ومشاورات معها أثناء تشكيل اللجنة الدستورية.

وقال: (ينبغي علينا، بالتأكيد، إجراء مشاورات كاملة مع كل من الحكومة السورية وشركائنا في إيران، لأنه من دون مشاركتها لن تحل المشكلة بفعالية، علما أن إيران أحد ضامني وقف إطلاق النار وإقامة مناطق منزوعة السلاح والعملية السلمية في سورية).

وقال الرئيس بوتين إن موضوع المساعدات الإنسانية لسورية وعودة اللاجئين كان إحدى الركائز التي تمحورت حولها مباحثات القمة، وقد أجمع المشاركون فيها على وجوب توسيع مفهوم المساعدات حتى تشمل توريد المرافق الطبية والأدوية والمساهمة في إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة وشبكة المياه.

ودعا الرئيس الروسي زعماء تركيا وألمانيا وفرنسا إلى دعم فكرة تنظيم مؤتمر دولي حول اللاجئين السوريين، بغية توحيد الجهود من أجل حل مجموعة المشاكل المعقدة المتعلقة بعودة اللاجئين السوريين بصورة فعالة.

وأكد أن الحكومة السورية قدمت ضمانات راسخة بعدم ممارسة التمييز ضد اللاجئين العائدين، لافتاً إلى أن السلطات مهدت الظروف لاستيعاب مليون ونصف المليون لاجئ.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان المجتمعون بحثوا دور الرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سورية، شدد الرئيس الروسي على أن القمة لم تبحث دور أي شخصيات سياسية في البلاد، معتبراً أن نقاش كهذا مناف للغرض وسيؤثر سلباً على جهود التسوية، لذا كان خارج اهتمامات القمة.

وقال: إن (موقفنا المبدئي يكمن في أن مصير بلادهم، بما في ذلك تحديد دور شخصيات معينة على الساحة السياسية السورية، يجب أن يقرره الشعب السوري) بعد تهيئة الظروف المواتية، ومن بينها إطلاق العملية السياسية والشروع في عمل اللجنة الدستورية.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية في سورية قبل نهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن هذا الأمر ضروري لتحقيق حل سياسي شامل.

وأشار إلى أن اللجنة لم تبدأ عملها بعد، على الرغم من مرور 10 أشهر على مؤتمر الحوار في سوتشي، مضيفاً: (يجب أن تتاح للشعب السوري إمكانية تقرير مصيره في ظروف آمنة، أي من خلال انتخابات حرة وشفافة برعاية الأمم المتحدة).

وأشار ماكرون إلى أهمية الاتفاق الروسي – التركي حول إدلب بالنسبة إلى إحلال هدنة طويلة ومستقرة، مشدداً على أنه يجب تنفيذ الاتفاق بشكل كامل. كما لفت إلى أن استخدام السلاح الكيميائي أمر مرفوض. وأكد ماكرون كذلك أن مكافحة الإرهاب لا تزال أولوية مشتركة، وأنها ستبقى مستمرة وفقاً للقانون الدولي.

وبخصوص عودة اللاجئين السوريين، أشار ماكرون إلى أنها تحتاج إلى ظروف مواتية، وأنها مستحيلة في غياب حل سياسي للنزاع.

بينما أشارت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إلى أن البيان الختامي للقمة الرباعية أظهر أن لدى الدول الأربع أهداف مشتركة والإرادة الضرورية لتسوية القضايا.

وشددت على أن هناك تقدماً ملحوظاً في إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، ويجب مواصلة هذه العملية. وأشارت إلى أن هناك (التزاماً ببذل كل الجهود من أجل تفادي كوارث إنسانية في وقت لاحق)، مرحبة بالاتفاق الروسي – التركي حول إدلب، ومضيفة: (تعهدنا اليوم بأن نعمل كل ما في وسعنا من أجل أن تؤدي جهودنا إلى هدنة ثابتة وطويلة).

وأكدت أيضاً على ضرورة وجود ظروف آمنة لعودة اللاجئين، مضيفة أنه لا يجوز اضطهاد اللاجئين بعد عودتهم إلى الوطن. وشددت على أنه لا حل عسكرياً للنزاع، وأن التسوية ستكون سياسية وبرعاية الأمم المتحدة.

ووصف الرئيس التركي أردوغان القمة الرباعية بأنها (بناءة) مشيراً إلى أنه مع انضمام ألمانيا وفرنسا (نرى إمكانية لتحسين التعاون في إطار عملية أستانا).

وقال أردوغان: (كان هدفنا ضمان وقف إطلاق النار وكانت لدينا أيضاً إمكانية لمناقشة التسوية السياسية)، مشيراً إلى أن عملية أستانا أصبحت نموذجاً للجهود الرامية إلى إيجاد الحل السياسي.

وأعرب عن قناعته بأن القمة الرباعية تعطي زخماً ملموساً لإنهاء النزاع في سورية، داعياً جميع الأطراف إلى دعم هذه الجهود.

وأكد أردوغان: (نحن ملتزمون بسلامة أراضي سورية ووحدتها السياسية، وأكدنا على عدم وجود حل عسكري للنزاع في سورية).

وأضاف الرئيس التركي: (أكدنا على اتفاقاتنا حول إدلب التي ستسمح بتفادي أزمة إنسانية. وسنبلغ إيران بنتائج القمة وسنواصل التعاون معها من أجل تسوية الأزمة. واتفقنا على ضرورة تشكيل اللجنة الدستورية السورية قبل نهاية العام الجاري، لكي تبدأ بالعمل اعتباراً من العام المقبل).

العدد 1105 - 01/5/2024