من التلويح بالعدوان إلى الحصار السياسي

الولايات المتحدة الأمريكية تهدد بعزل سورية سياسياً وديبلوماسياً، إذا ما استمرت في سعيها إلى مواجهة الإرهابيين، واستخدمت حقها المشروع في استعادة سيادتها ووحدتها أرضاً وشعباً، ورفضت استمرار الوجود العسكري الأمريكي والاحتلال التركي على أراضيها.

هذا التهديد جاء بعد أسابيع من تلويح الأمريكيين بشن عدوان عسكري على سورية، لأسباب (إنسانية)_كما يزعمون_ وحفاظاً على إرهابيي النصرة وحلفائهم في إدلب.

ونسأل هنا: منذ أن تسلمت الولايات المتحدة من بريطانيا حضانة الكيان العنصري الصهيوني في مطلع خمسينيات القرن الماضي، هل قصّرت يوماً في محاولاتها عزل سورية، وتهديدها وتشجيع التآمر عليها؟

هل نذكّر بنظرية (ملء الفراغ)، أم (حلف بغداد) أم دعم إسرائيل في احتلالها للأراضي العربية إثر عدوان 1967، أم نجدتها في حرب تشرين 1973.

متى كانت الولايات المتحدة صديقة لسورية؟ وفي أي منعطف كبير أم صغير رفع مندوب الولايات المتحدة يده مؤيداً مطلباً يتعلق بسيادة سورية واستقلالها، وحقها في انتهاج سياسة مستقلة عن لوح الوصايا الأمريكي؟

تهديد الأمريكيين بالعدوان العسكري لم يرهب السوريين، كذلك تهديداتهم اليوم بحصار سورية سياسياً لن يثنيهم عن متابعة المضي إلى تظهير الأراضي السورية من الإرهابيين، واستعادة وحدة بلادهم، وانسجام مكوناتهم الإثنية والاجتماعية.

المطلوب اليوم التركيز على عوامل الصمود السوري، التي لعبت الدور الرئيس في مواجهة الإرهابيين، الذين ساندتهم قوى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، والتي كان أبرزها تمسُّك السوريين بوحدة بلادهم، والعداء للإرهاب وفكره الظلامي، والدعم اللامحدود لجيش سورية الوطني، والطموح إلى مستقبل سوري يحقق مطالب الشعب السياسية والاجتماعية بدولة مدنية.. ديمقراطية.. علمانية، تعظّم كرامة المواطن وتحافظ على سيادة الوطن، وتحقق التنمية الاقتصادية الاجتماعية الشاملة والمتوازنة.

المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى هو التركيز على الأولويات التي تستجيب لمصالح الكتلة الشعبية الكبرى، لا سنّ تشريعات تحرّض على الاصطفاف الديني

والطائفي والمناطقي، وتفتح المجال للتطرف الديني بكل أشكاله.

التركيز على هذه الأولويات هو الرد الواقعي والعملي على جميع التهديدات الأمريكية، والأداة الرئيسية لتحقيق ذلك هي توافق السوريين ضمن حوار سوري سوري شامل ومفتوح.

أما من يحاول تجاهل عوامل الصمود السوري ودروس سنوات الجمر وعِبَرها، فهو يغامر في فترة صعبة لا يجوز فيها المغامرة.

العدد 1102 - 03/4/2024