عفواً أيلول ومعذرة!!

جريدة النور

محمود هلال:

 عفواً أيلول ومعذرةً.. أجراس الإفلاس تُقرع..

وأوراق الأشجار الصفراء، تقابلها أوراق الإفلاس، إفلاس جيوبنا، من غلاءٍ هدّ حيلنا، وكسر ظهورنا.

 اسمح لنا أيلول، أن نعترف ونقول بملء الصوت أننا تائهون أمام تدبّر نفقاتك، ومصاريفك الكثيرة والمتعددة.

عاد أيلول.. ولعودة هذا الشهر الخريفي نكهةٌ خاصةٌ في كل عام، تميّزه عن باقي أشهر السنة، وقبل التذكير بخصائصه، نشير إلى معناه في اللغة تطابقاً مع دلالاته في الواقع(ولو مجازاً)، وذلك حسب مؤشراته الاقتصادية، وآثاره الماديّة على جيوب الشريحة الواسعة من الناس.

بناء على ما تقدم، يمكن تقسيم كلمة أيلول إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: يتألف من الحرفين الهمزة والياء، اللذين يشكلان (أي)، التي قد تكون عادةً حرف نداءٍ، أو تفسيرٍ، أو حرف جوابٍ بمعنى (نعم)، لكن (أي) التي جاءت في أول أيلول، على الأصح قد تكون هنا حرف توجّعٍ وألمٍ.

القسم الثاني: يتألف من الحرفين اللام والواو، ويشكلان (لو)، التي هي حرف شرطٍ غير جازمٍ، أو حرف امتناعٍ لامتناع، أما لو في وسط كلمة أيلول، فجاءت للتمنّي، فهناك الكثير من عامة الناس يتمنون أن ينتقلوا بغمضة عينٍ، من شهر آب إلى تشرين الأول، وأن يُمحى شهر أيلول من التقويم، لكثرة نفقاته ومدفوعاته.

وكما هو معلومٌ أنّ أيلول هو شهر المونة، وفيه تموّن ربّات البيوت كل ما يخطر ببالهن، ابتداءً من البرغل والكشك مروراً بالمربيات وليس انتهاءً بالمكدوس، وما على مديري التمويل في الأسر إلا (الدّفع) بالتي هي أحسن أم أسوأ!

ومعلومٌ أيضاً تزامن هذا الشهر مع افتتاح المدارس، ولذلك كان الله بعون ذوي النسل غير المحدود، في تأمين مستلزمات أولادهم، من لباسٍ وأحذيةٍ وكتبٍ وقرطاسيةٍ إلى آخر الطلبات التي لها أوّلٌ و ليس لها آخر.

أما القسم الثّالث والأخير لكلمة أيلول، فهو حرف اللام، واللام في اللغة، أما أن تكون للجرّ أو للتعليل، أو للجزم، وهي لام الأمر التي تنطبق تماماً مع مقتضيات هذا الشهر، فعلى سبيل المثال نقول: (ولينفق كل ذي دخل دخله)، وأعتقد أنها جاءت هنا اختصاراً لجمله يردّدها العباد المغلوب على أمرهم، في آخر الشهر، وهي: (لا حول ولا قوة إلا بالله، وبه المستعان).. فهل من معينٍ لهؤلاء الذين أصبحوا بحاجةٍ إلى العون والمساعدة؟ ليستعدوا أيضاً في هذا الشهر لاستقبال فصل الشتاء، والبرد والمطر، فكما يقال (أيلولٌ ذيله مبلول)..

الغالبية العظمى من الناس تنوء تحت نفقات هذا الشهر الأيلوليّ العصيب، فينفقون كل ما لديهم، ويلجؤون في غالب الأحيان إلى الاستدانة، الأمر الذي يزيدهم عجزاً مالياً، وفقراً، وبؤساً، فهل يلقون الدعم والعون من الحكومة بزيادةٍ حقيقيةٍ للرواتب والأجور، تنعش قلوبهم وتملأ جيوبهم، وتقلص الهوّة بين الأجور والأسعار التي تحلق بعيداً؟!

أم نكتفي بقول الشاعر:

أطلّ إذاً أيلول وانفضح الأمر     فليس لجيب لم يفض ماله عذرُ

العدد 1140 - 22/01/2025