بلاغ صادر عن اجتماع المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد

عقد المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد اجتماعه الدوري مساء يوم السبت 1/9/2018، بحضور رئيس وأعضاء هيئة رئاسة اللجنة المركزية، ورئيس لجنة الرقابة والتفتيش.

افتتح الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت حداداً على وفاة الرفيق الأديب الكبير حنا مينه.

بحث الاجتماع آخر المستجدات السياسية على الساحات السورية والإقليمية والعالمية، وأكد أنه كلما حققت سورية مزيداً من الإنجازات على صعيد محاربة الإرهاب والمجموعات الإرهابية المسلحة، وكذلك في التقدم على طريق الحل السياسي للصراع الدائر في سورية وحولها، بما يفترض أن يفسح المجال لتحقيق أهداف الشعب السوري في الحفاظ على استقلاله ووحدة وطنه أرضاً وشعباً والسير قدماً على طريق مجتمع الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وكلما لاحت في الأفق تباشير الانتصار الناجز، أخذت القوى المعادية لمصالح شعبنا وأهدافه، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها فرنسا وبريطانيا بتصعيد حملاتها السياسية تجاه الدولة السورية معلنة على نحو سافر أن احتلالها لأجزاء من الأرض السورية مستمر حتى القضاء على بقايا داعش وإخراج إيران من سورية، حسب زعمها.

إن الأهداف الحقيقية لقوى العدوان هذه ليست خافية، فهي منذ بداية الحرب على سورية كانت تسعى ولا تزال تطمح لتحقيق مصالحها الجيوسياسية والنفطية في المنطقة بشكل عام، التي تشكل فيها سورية حجر الرحى من ناحية، وضمان أمن اسرائيل من ناحية أخرى.

وبالتوازي مع تصعيد التهديدات السياسية والتحضيرات العسكرية يتواتر النشاط السياسي الإقليمي والدولي حول الأوضاع السورية، بما فيها بذل الجهود للحيلولة دون شن عدوان عسكري جديد على سورية، الأمر الذي شكّل الملف الرئيس في جلسة مجلس الأمن التي انعقدت في 28/8/2018.

وفي السابع من شهر أيلول الجاري تعقد قمة ثلاثية روسية إيرانية تركية في إيران، مكرسة لبحث تطور الأوضاع السورية، وكما هي العادة قبيل القيام بأي عدون جديد على سورية تكررت التهديدات الأمريكية والأوربية ضد سورية تحت مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية. إلا أن روسيا اتخذت هذه المرة موقفا أكثر حزماً من أي وقت مضى تجاه هذه التهديدات، فهي فضحت بكل جلاء التحضيرات التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة لإجراء تمثيلية استخدام الأسلحة الكيماوية وتصويرها من قبل ما يسمى (الخوذ البيضاء).

أما ميدانياً فقد كشفت الولايات المتحدة عن خطة لها لعزل مناطق شرق الفرات من خلال فرض حظر جوي وبري، وتعزيز قواتها في تلك المنطقة. وتشير الأنباء إلى أنها تمهد لعملية عسكرية لقوات التحالف مع (قسد) ضد بقايا داعش فيها. وهنا أيضاً حذر لافروف من أن النشاط الأمريكي هذا قد يسفر عن تقسيم سورية. ومما يؤسف له أن بعض القيادات الكردية لا تزال تناور في مواقفها، فهي من ناحية ترسل الوفود إلى دمشق للبحث في مستقبل المنطقة، وتستقبل من ناحية أخرى المبعوثين العسكريين الأمريكيين للتنسيق معهم، وتنسق عسكرياً مع قوات التحالف.

إن سورية التي صممت على تحرير كل شبر من الأرض السورية من بقايا داعش والمجموعات الإرهابية المسلحة الأخرى، حسمت أمرها لخوض معركة تحرير إدلب من هذه القوى، وهي تتخذ جميع الاستعدادات لخوض هذه الحملة التي تعد المعركة الأكبر من بين المعارك التي خاضها جيشها بعد تحرير الغوطة الشرقية ودرعا وريفها وريف القنيطرة بما فيها المتاخمة للمناطق المحتلة من قبل إسرائيل في الجولان، ودحر الهجوم الوحشي لعصابات داعش على محافظة السويداء. وقد أكد السيد الرئيس أننا سنحرر إدلب بالقوة أو بالصلح.

إن مجريات الأحداث في سورية، كما تتأثر بتطور الأوضاع في البلدان المجاورة وبعض الدول الإقليمية، تجد صدى لها هي أيضاً في تلك البلدان مثل العراق ولبنان وغيرهما من دول المنطقة. وأكد المكتب السياسي أن الظروف المعقدة التي تمر بها سورية والمنطقة يجب ألا تحجب عنا المخاطر التي تحيق بالقضية الفلسطينية، إذ تطرح الإدارة الأمريكية ما تسميه (صفقة القرن) وفحواها الرئيس هو إنهاء القضية الفلسطينية من خلال إلغاء حقوق الشعب الفلسطيني في حق العودة وإقامة دولته المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس. ويتم العمل لتنفيذ هذه المؤامرة الكبرى، بالتعاون والتنسيق مع العديد من الدول العربية، وخاصة السعودية ودول الخليج.
إن هذا الواقع يستدعي حشد جميع قوى المقاومة العربية وخاصة الفلسطينية منها لاتخاذ الإجراءات المناسبة لإفشال هذا المخطط الامبريالي الرجعي، وخاصة من خلال توحيد الفصائل الفلسطينية حول برنامج يؤكد على ثوابت الشعب الفلسطيني في حقوقه.

وفي الوضع الداخلي أكد الاجتماع أن التدابير المتخذة على الصعيد الداخلي لا ترتقي حتى الآن إلى مستوى ما تحقق ويتحقق في ميدان الإنجازات العسكرية، إذ يزداد التمايز الطبقي عمقاً واتساعاً، ففي مقابل حفنة من أثرياء الحرب وحيتانها، تعاني الأكثرية الساحقة من جماهير شعبنا من انخفاض مستوى المعيشة نتيجة انخفاض الرواتب والأجور والارتفاع الكبير في أسعار جميع مستلزمات الحياة الضرورية. ويزداد كذلك انتشار الفقر والبطالة على نطاق واسع. كما لم تشعر الجماهير بانفتاح ديمقراطي لجهة إنهاء سياسة الانفراد بالسلطة والسعي لإنعاش الحياة السياسية في البلاد بما فيها نشاط الأحزاب، سواء منها داخل الجبهة أو خارجها، ورغم ما يعلن حول التوجه نحو محاربة الفساد، إلا أنه لم يلاحظ اتخاذ تدابير محددة في هذا المجال حتى الآن. وعلى ضوء كل ذلك فإن مهامّ رئيسة تبقى في أولويات الشعب السوري:

1 ـ متابعة المعركة التي يخوضها جيشنا الباسل لتحرير كل شبر من أراضي الوطن.

2ـ وبالتوازي مع ذلك السير قدما من أجل التوصل إلى حل سياسي يضمن استقلال البلاد وسيادتها ووحدة أرضها وشعبها.

3ـ السير على طريق إشاعة الديمقراطية والاهتمام بالقضايا المعيشية للجماهير الشعبية ودعم وتطوير الاقتصاد لما فيه مصالح هذه الجماهير ويحقق العدالة الاجتماعية.

4 ـ زيادة الاهتمام بقضية محاربة الفساد، واتخاذ تدابير ملموسة في هذا الصدد تمنح الجماهير الثقة بمدى جدية العمل في هذا المجال.

5 ـ إعادة بناء البنية التحتية وتأمين الخدمات الاجتماعية والإنسانية في المناطق المتضررة بغية تشجيع المهجرين على العودة إلى مناطقهم.

إن حزبنا مدعو للمساهمة مع جميع قوى شعبنا الطيبة للنضال من أجل تحقيق المهام المذكورة.

بحث الاجتماع عدداً من القضايا الحزبية مثل: ترشيحات منظمات الحزب لانتخابات مجالس الإدارة المحلية، وأهمية المشاركة الفعالة فيها والتصويت لقوائم الوحدة الوطنية وللمستقلين الجيدين. وبحث أيضاً المؤتمرات الانتخابية الفرعية والمنطقية في منظمات الحزب، والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر رابطة النساء، ومخيم الشباب، واتخذ القرارات المناسبة.

 

دمشق1/9/2018

المكتب السياسي

للحزب الشيوعي السوري الموحد

العدد 1102 - 03/4/2024