بعد عشر سنوات.. نتساءل عن آلية الإصلاح!

هل قُدر لمشروع إصلاح قطاعنا الصناعي العام وتطويره أن يعود إلى المربع الأول في كل تشكيلة وزارية أو تغيير وزاري؟!ألم يقتنع جميع المسؤولين بأهمية إصلاح هذا القطاع الحيوي، الذي(سَتَرَنا) في الماضي، وافتقدنا وجوده في أزمتنا الراهنة!

يقول وزير الصناعة الجديد في حديث لصحيفة (الوطن) بتاريخ 6/9/2012:

(القطاع العام بحاجة إلى إصلاح.. لكن ما آلية الإصلاح؟ هل عن طريق إصدار القانون؟ أم إجراءات أخرى تسبقها.. هل بقانون خاص بالقطاع العام الصناعي، أم في مجمل قرارات إصلاح القطاع العام برمته بعيداً عن الخصخصة، لأن ما يحكم القطاع الصناعي هو مجموعة قوانين تشمل القطاع الاقتصادي والقطاع العام كله.إن سياسة وزارة الصناعة يجب أن يرسمها الوزير شخصياً لأنها يجب أن توضع بناء على تشخيص الواقع والمعطيات والرؤية المستقبلية ودور الصناعة على كل المستويات.. وبعد الاطلاع على مشروع القانون سوف نصل إلى رأي: هل من المفيد والمجدي إصدار تشريع خاص بإصلاح القطاع العام الصناعي خلال المرحلة الراهنة، خاصة أنه يفترض أن نهيئ أنفسنا لما بعد الأزمة).

خلال عقد من مسيرة الاقتصاد السوري الذي تحول من اقتصاد موجه تديره الدولة، إلى اقتصاد تقوده قوانين السوق، لم يترك الرأسمال الريعي فرصة إلاّ واستغلها للحصول على الربح السهل.. السريع في القطاعات الخدمية. لكن أنظاره كانت موجهة إلى قطاع الدولة العام الصناعي والخدمي، والمرافق الحيوية، كالكهرباء والمياه والموانئ والمطارات والطرق، هذا القطاع الذي رأوا فيه وسيلة للوصول إلى الجمهور الأوسع والربح الأعلى والسيطرة المطلقة على القرار الاقتصادي، وربما السياسي. وشاركهم في ذلك بعض مهندسي الاقتصاد السوري السابقين، الذين برهنوا بالقول والفعل أن قطاع الدولة يمثل عائقاً أمام تنفيذ رؤيتهم لمستقبل اقتصادنا وبلدنا.. عائقاً أمام سيادة السوق.. وقوانينه، فماطلوا في إصلاحه وتجديد وسائله الإنتاجية، ووضعوا المشاريع المختلفة الهادفة إلى التخلص منه، مرة تحت شعار التشاركية.. وأخرى بذريعة وقف الخسائر، وثالثة بذريعة الاستفادة من أصوله الثابتة.. عشر سنوات أطلقت فيها الوعود.. واللجان.. والاعتراف العلني بضرورة إصلاح هذا القطاع (الشهيد)، ومشاريع القوانين المختلفة، وبعد تشكيلات وزارية عدة، نعود إلى التساؤل الآن:ما هي آلية الإصلاح؟ هل نصدر قانوناً، أم نتخذ إجراء آخر؟

أما نحن في (النور) فنجد أنفسنا مجبرين على تأكيد بعض اقتراحاتنا بخصوص إصلاح القطاع الصناعي العام، ما دام السيد الوزير سيعيد النظر بالمشروع الذي اقترحته لجنة مشتركة من وزارة الصناعة والاتحاد العام لنقابات العمال.

1-إن أكثر الناس قدرة على شرح أوجاع هذا القطاع، والوسائل المؤدية إلى إصلاحه وتطويره، هم العاملون فيه.. الذين عانَوْا محاولات تخريبه والخاسرون بخسارته، لذلك نرى ضرورة أخذ مقترحاتهم بالحسبان،  كي يبقى القطاع العام الصناعي قطاعاً حكومياً رائداً.

2 – إن المعضلة الأساسية التي تواجه القطاع العام الصناعي هي تأمين تكاليف إصلاحه وتطويره، والتي قدَّرتْها الحكومات السابقة بنحو 105 مليارات ليرة سورية، لذلك يجب البحث الجدي عن وسائل لتأمين هذا المبلغ، ومنها على سبيل المثال:

أ- الاعتمادات الحكومية في الموازنات السنوية كبند مستقل (إصلاح القطاع العام الصناعي).

ب- قروض المصارف العامة والخاصة.

ج- حصة من القروض العامة (سندات الخزينة).

د- أرباح هذا القطاع.

3 – النص في القانون الجديد على عدم جواز بيع.. أو خصخصة أي شركة أو مصنع عائد للقطاع العام، إلاّ بعد التأكد من انعدام فرص إصلاحه، أو الاستفادة منه في نشاط أحد فروع القطاع العام الصناعي، وأن يتم ذلك بموجب قانون يصدره مجلس الشعب بعد دراسة مفصلة للأسباب الموجبة لهذا الإجراء.

4 -أن يؤكد القانون الجديد ضرورة بقاء هذا القطاع (شعبياً)، وألا تحوله المنافسة مع القطاع الخاص إلى قطاع يسعى إلى الربح، والربح فقط، دون الأخذ بالحسبان أنه الشكل الأبرز لدور الدولة الداعم للفئات الفقيرة، ومتطلباتها الغذائية.. والسلعية.

نأمل أن يصل الوزير الجديد إلى حل لهذه المعضلة (التاريخية)، فغياب القطاع الصناعي العام القادر.. المتطور، في الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية، يضعف قدرتنا على مواجهة الحصار الاقتصادي الجائر.

العدد 1105 - 01/5/2024