«غنى الحجر»… أمسية لاستعادة الانتفاضة الأولى

(بالفاس ننزل ع الأرض بالفاس فلسطينية ورافعين الراس… عاداتنا كيد العدا وحجارنا ضرباتها بالراس)، (هبّت النار والبارود غنّى اطلب شباب يا وطن واتغنى)، (يا يمّة في دقة ع أبوابنا يا يمّة هاي دقة أحبابنا). هذه الأغنيات وغيرها من الأعمال المرتبطة بالحجر، و(المقليعة) (المقلاع)، و(النقيفة) (المطاطة)، والإطارات المشتعلة، والمولوتوف اليدوي الصنع، كانت مؤخراً محور أمسية (غنَّى الحجر)، للفنانة بوران سعدة ابنة قرية ميعار الجليلية المهجّرة، والفنان سعيد طربيه ابن سخنين في الداخل المحتل، بمرافقة فريق (ساند) الشبابي، واحتضن الأمسية قصر رام الله الثقافي.

والأمسية التي نظمت برعاية (الشعب الفلسطيني)، اختتمت بمشاركة خاصة وعفوية، للفنان القدير وليد عبد السلام، الذي زلزل قاعة القصر برائعته (نزلنا ع الشوارع)، ليغني الجميع (نزلنا ع الشواع رفعنا الرايات… غنينا لبلادي أحلى الأغنيات)، كما كان للغناء المشترك ما بين المطربين والجمهور حضور خاص، على وقع نشيد (موطني) للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، وكان يعدّ نشيداً وطنياً رمزياً للشعب الفلسطيني، وتحول أخيراً ليكون النشيد الوطني العراقي.

وسعى أعضاء فريق (ساند)، بهذه (الأمسية الفنية الثورية)، إلى استعادة أغنيات الانتفاضة، مؤكداً إصراره على (استعادة مشروع التحرر الوطني بالأغنية، والخطاب، وفي الشارع). وقالوا: (نحيي اليوم الانتفاضة، ونجسِّد معناها عبر الأغنية، التي هي جزء من ثقافة المقاومة وفعلها، عندما نمت في تربة واقع نضالي تتفاعل معه وتحشد لأجله، ولأجل الانخراط فيه).

وقالت الفنانة بوران سعدة، صاحبة فكرة العرض والمشروع، (غنى الحجر) بمضمونها الموسيقي والفني، تجسيد لحالة عاشها الشعب الفلسطيني في حقبة من الزمن، إذ إن الأغاني المختارة في العرض هي أعمال شعبية وأهازيج تعبر عن حالة الشعب والشارع والشباب والنساء في عهد الانتفاضة الأولى).

وأضافت: (اهتممت بالموضوع لأني اختصاصية في العلاج بالموسيقا، علاوة على أني مغنية، وأحمل رسالة فنية تجاه قضيتي ومجتمعي بتخليد ما جرى إنتاجه في المعاناة والفرح، وكذلك رسالة تحمل في طياتها التواصل مع الذاكرة الجمعية والتعبير عنها بالموسيقا). وأوضحت أن (هذا العرض يأتي جزءاً من مشروع كامل أصبو إلى تحقيقه، وهو سلسلة من العروض التي تحمل معانيَ ورسائل اجتماعية وسياسية وتعبيرية، تعكس فترات مختلفة وبارزة في حياة الشعب الفلسطيني… الانتفاضة الأولى هي محطة بارزة ومفصلية بالنسبة إلى القضية والشعب في فلسطين). ونسقت سعدة مع مجموعة (ساند)، وهم شبان وشابات يتميزون بروح التطوع من أجل مجتمعهم، لإنجاح الأمسية، في معاونة بعض الفرق الشبابية التي ساعدت على تأمين الحاجات اللوجستية للحفلة.

وطموح سعدة التي فرحت بتفاعل الجمهور مع العرض، هو إصدار أسطوانة للأغنية الوطنية الفلسطينية والأغنية الملتزمة عموماً. وأشارت إلى أن هدفها ورسالتها حض الناس على العودة إلى حقب تاريخية والتواصل معها، والشعور بالترابط مع قضايانا وأسلافنا. وتقول: (غنى الحجر) عبارة عن انطلاقة نحو الرغبة في الإنتاج مجدداً، وإثارة الإبداع لدى الشباب بتأثرهم من إنتاجات من سبقهم، والتي كانت وما زالت جزءاً منا ومن جرحنا، وفرحنا ونضالنا.

ومع ملصقات وصور اشتهرت في الانتفاضة الأولى، وشعارات لطالما رددها الفلسطينيون مثل (انتفاضة شعبية)، في بهو قصر رام الله الثقافي، وما رافقها من أدوات المقاومين وأطفال الحجارة، كانت الأصوات هدّارة، وكأن لسان حالها يغني (شدي يا انتفاضة شدي على الاحتلال… ويا نار الثورة لا تهدي حتى الاستقلال).

العدد 1107 - 22/5/2024