شرعنة التسريح والأزمة يتكاتفان ضد عمال القطاع الخاص

سرح القطاع الخاص أكثر من 130 ألف عامل، خلال الأزمة، وفقاً لإحصائيات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ويقف هؤلاء في مهب الريح، بلاحماية، ويصطفون في أرتال البطالة المتزايدة التي يقدر عدد المنضوين تحت لوائها بأكثر من مليوني عامل. ولابد من التأكيد أن المسرحين من عملهم نتيجة الأزمة، أرغم أرباب عملهم، على اتخاذ قرار تسريحهم، لإغلاق المنشآت، أو لأنها صارت أثراً بعد عين، ولتراكم الخسائر، نتيجة التوقف عن العمل، وهو ما لاطاقة لصناعي بالدرجة الأولى على احتماله، أو أي رب عمل آخر، من أرباب القطاع الخاص.

بدأت مفاعيل الأزمة ومنعكساتها السلبية على العمال بالتفاقم، وترخي ظلها القاتل على حياتهم المعيشية، وفرص عملهم المتاحة، وتخطف منهم بوارق الأمل المتبقية للحفاظ على أعمالهم، وضمان مداخيلهم. وذهبت أدراج الرياح جميع التنبيهات والتحذيرات التي أطلقت قبل فترة ليست قصيرة، والمتمثلة بعدم التراخي في مسألة ضمان حق العمال في استمرارهم بعملهم مهما كانت الظروف.

تسريح العمال نتيجة لظروف اقتصادية تعانيها الشركات، ليس بالمشكلة الكبيرة كما يظن البعض، لاسيما إن كان هؤلاء مدربين ومؤهلين، وتشملهم مظلة الحماية التأمينية، كما أن الظروف الطارئة التي تمر بها سورية، من الطبيعي أن تنتج عنها مشكلات من هذا القبيل، بسبب توقف عدد من المعامل والمنشآت الانتاجية، لكن العمال الذين فقدوا مصدر رزقهم، وغير مشمولين بمظلة التأمينات، ويعملون في ظروف قاسية أساساً، هؤلاء من يدفع الثمن الباهظ للأزمات على اختلاف أنواعها، فلا القوانين تحميهم، ولا التكافل والتعاضد الاجتماعي يمكنه أن يقدم لهم المزيد من الدعم لتخطي أزمتهم. فهؤلاء هم الذين يسددون الفاتورة. شرعنة التسريح، وفقا للقانون 17 لعام 2010 لم يكن في مصلحة العمال، وبالتالي لا يمكن تبرير ارتفاع معدلات تسريح العمالة بواقع الأزمة فقط، بل إن التشريعات سهلت الكثير من الإجراءات أمام أرباب العمل ليقولوا لعدد من عمالهم (مع السلامة) دون أي وازع أخلاقي أو إنتاجي، وتحت حماية القانون. وهؤلاء الذين فقدوا عملهم، أياً كان السبب، لايشكلون العقبة الكبيرة، بل ما يثير الخوف مئات الآلاف من العمال الذين سرحوا من القطاع غير المنظم، الذين فقدوا فرص عملهم، ولم يحصلوا على تعويضات أو أية حقوق أخرى، نتيجة عدم تسجيلهم في التأمينات، وفقدانهم لفرص عملهم، دون رفق بأحوالهم، وبما ستؤول إليه حالتهم المعيشية.

العدد 1140 - 22/01/2025