المهام الأساسية للدولة الحفاظ على أمن الوطن والمواطن

تشهد سورية في الأشهر الأخيرة عمليات مصالحة واستعادة العديد من المناطق وعودة أهاليها إلى بيوتهم وممارسة أعمالهم، ضمن الحدود المتاحة والإمكانات التي قدمتها الدولة بالتعاون مع فعاليات تلك المناطق، و ذلك بفضل تضحيات قواتنا المسلحة وعناصر الجيش العربي السوري بضباطه وأفراده، ولجان الدفاع الوطني الذين لم يتوانوا عن تقديم أرواحهم فداء للوطن في المعارك الطاحنة التي شهدتها مناطق مختلفة من سورية مع المسلحين والإرهابيين المحليين والأجانب.

ماشهدته محافظة حمص منذ عشرة أيام كان النموذج الأول من نوعه، وأمكن التوصل إليه من إخراج المسلحين والإرهابيين من حمص القديمة، بعد أن فرضوا حصاراً دام أكثر من سنتين، تعرضت فيه أحياؤها القديمة للدمار والتخريب والسرقة، بعد تهجير سكانها الأصليين، وخاصة في أحياء الحميدية وبستان الديوان، وكانت الفرحة الكبرى لأهالي حمص وسورية باستسلام المسلحين وخروجهم بأسلحتهم الفردية والخاصة بهم إلى ريف حمص الشمالي، وقد أعلن على الفور، على لسان المحافظ والمسؤولين في المحافظة، أن المدينة القديمة ستغلق لتتمكن فرق الهندسة من إزالة الألغام والأنقاض وعودة المرافق الأساسية والخدماتية إلى وضعها السليم، ليتمكن سكان تلك المناطق من العودة إلى بيوتهم بأسرع وقت ممكن.

إلا أن المفاجأة الكبرى التي حصلت هي السماح لأهالي حمص، منذ اليوم الأول لإخراج المسلحين بالدخول إلى المدينة بأحيائها المدمرة وبيوتها المحروقة والمسروقة، والتي لايتوفر فيها أبسط الخدمات للبقاء، فضلاً عن وجود الأنقاض وبعض العبوات المزروعة التي لم تنظّف، مما أدى إلى انفجار تلك الألغام والعبوات ببعض السكان الآمنين وسقط ضحايا، منهم امرأة وشاب، والسماح للناس بالدخول العشوائي وغير المنظم إلى هذه الأحياء ولم يقتصر ذلك على سكانها فقط، وإنما دخل غرباء عن الأحياء للتطفل، والبعض بهدف سرقة ماتبقى من أغراض في تلك البيوت. وماعرض على شاشات المحطات التلفزيونية كان شاهداً على ذلك، والغريب أيضاً أنه بتاريخ 18/5 منعت السلطات المختصة الناس من الدخول إلى حمص القديمة لمدة يومين، بهدف تنظيف المدينة من العبوات والألغام، فهل يصدق مايحدث؟ إننا نتوجه إلى السلطات المسؤولة عن محافظة حمص طالبين معالجة وضع المدينة القديمة بجدية ومسؤولية، والعمل على تأمين أرواح المواطنين، ومعالجة الأمور بنوع من المسؤولية والحكمة، وكان الأجدر أن تنظّف المدينة القديمة من الألغام والأنقاض قبل السماح للسكان بدخول الأحياء القديمة عشوائياً. أما أن يتم المنع بعد عشرة أيام من الفوضى وعدم الأمان والاستقرار، فأرى فيه نوعاً من الارتجالية والتردد في اتخاذ القرار، أزهق أرواح المواطنين بالألغام الموجودة في بيوتهم.

إننا على ثقة تامة بأن المسؤولين في المحافظة والقائمين على أمن المدينة وسكانها سيبذلون ما بوسعهم للانتهاء بأقرب وقت من إزالة الأنقاض والألغام، والإسراع بعودة الماء والكهرباء والمرافق الضرورية ليتمكن المواطنون من العودة وجرد أضرارهم وممتلكاتهم، وتشكيل لجان فورية وميدانية لتقدير الأضرار التي لحقت بهم، والبدء بتقديم المساعدات المالية ليتمكن المواطنون من إعادة بيوتهم إلى الحد الأدنى من مستوى العيش فيها، والبدء بعودة المهجرين إلى منازلهم، وتأمين المتطلبات الضرورية لخلق فرص العمل اللازمة، ليتمكن المواطن من كسب رزقه وتأمين المعيشة لأفراد عائلته بسلامة وأمن واستقرار، وتقديم الدعم المعنوي للناس الذين دمرت بيوتهم بالكامل، والبحث عن الحلول الناجحة للإيوائهم، وتأمين المستوصفات والمدارس وكل المرافق، وبضمنها مقرات لعناصر الشرطة والأمن، للحفاظ على أمن المواطن وسلامته واستقراره.

العدد 1105 - 01/5/2024