ترشيد التجارة الخارجية مازال مطلباً يدعم الصمود السوري

اارتفعت بعض الأصوات بين أوساط المستوردين والتجار وبعض الصناعيين ومسؤولي الاقتصاد، مطالبة بإنهاء ترشيد الاستيراد، وفتح المجال واسعاً أمام المستوردين للاستيراد من الخارج، على أن يتولوا تأمين القطع الأجنبي اللازم بطرقهم الخاصة. كذلك دفعت حاجة البلاد إلى القطع الأجنبي في ظل الحصار الاقتصادي الجائر الذي تقوده الولايات المتحدة وشركاؤها الجهات الحكومية إلى تشجيع المصدرين على تصدير المنتجات الزراعية والحيوانية والنسيجية إلى الخارج، دون الأخذ بالحسبان ما يترتب على هذا التشجيع في ظرفنا الراهن من ارتفاع الأسعار بسبب قلة العرض والحصار الاقتصادي.

لسنا مع انعزال اقتصادنا الوطني وتقوقعه في تلبية الطلب الداخلي، بل طالبنا ومازلنا نطالب بالانفتاح على التجمعات الاقتصادية الإقليمية، خاصة تلك التي تضم أصدقاء سورية. لكننا في المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا لا نرى في إلغاء ترشيد الاستيراد إجراء يخدم اقتصادنا، ومنتجينا المحليين، ولكنه إجراء يؤدي إلى زيادة هموم الفئات الفقيرة والمتوسطة ومعاناتها.

فتدبير القطع بالطرق الخاصة يعني زيادة الطلب على القطع وارتفاع قيمته مقابل الليرة السورية، وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة المستوردات في ظل تراجع القطاعات المحلية المنتجة في تلبية الطلب الداخلي، كذلك فإن تصدير المنتجات السورية في المرحلة الحالية التي تشهد تراجعاً خطيراً في إنتاج السلع الأساسية للمواطن تعني مهما حاول مروجوها إخفاء قصدهم رفعاً مقصوداً لأسعار المواد المصدرة، والتي تصدّر بأسعار تقل عن سعرها في الأسواق المحلية بنسبة تتجاوز 40%، علماً أن المصدرين غير ملزمين بتسليم القطع الناتج عن عملية التصدير إلى المصارف العامة، بل يحتفظون به في حساباتهم خارج البلاد.

إن التهديد الأمريكي بالعدوان على بلادنا لايزال قائماً، والبوارج الأمريكية تختال قريباً من مياهنا الإقليمية، وحملات الضغوط والإملاء ووضع السيناريوهات المريبة لما بعد الأزمة تجري على قدم وساق، وهذا يتطلب – حسب اعتقادنا- توجيه النشاط الاقتصادي باتجاه تلبية حاجات استمرار الصمود السوري، وخاصة تلبية حاجات السند الرئيسي لهذا الصمود وهم العمال والفلاحون وصغار الكسبة والشباب، بعيداً عن السياسات الانفتاحية السيئة الذكر، التي كانت في العقد الماضي سبباً رئيساً في تهميش مصالح الفئات الشعبية، وتوسيع الهوّة بين الأثرياء القدماء والجدد وبين الكتلة الشعبية الكبرى.

العدد 1105 - 01/5/2024