رفع سعر البنزين… هل يلجم السوق السوداء!

قرار جديد برفع سعر البنزين، فقد رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أسعار البنزين المستخدم للسيارات 90 أوكتان، بمقدار عشر ليرات، ليصبح 65 ل.س لليتر، بعد أن كان سعره 55 ل.س. وهذا الارتفاع هو الثاني من نوعه خلال الأزمة التي تمر بها سورية، واجهه الكثير من الآراء حول تأثيره على مجمل السوق وحركة النقل.

في هذا الصدد حاولت (النور) الوقوف على أهم هذه الآراء حيال تأثير ارتفاع أسعار البنزين على مختلف السلع والمواد في السوق المحلية.

نقابة عمال النفط: لا مبرر لرفع أسعار البنزين حالياً

أوضح علي مرعي، رئيس نقابة عمال النفط والثروة المعدنية بدمشق، في تصريحه ل(النور) أنه لا يوجد أي تبرير لرفع أسعار البنزين حالياً، ورفع سعره ليس مناسباً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجه المواطن. وخاصة أن هذه المادة لا تستورد من الخارج.. بمعنى أن ارتفاع أسعار القطع لا يؤثر عليها كما هو الحال بالنسبة لمادة المازوت التي تستورد عن طريق لبنان وتكلف الكثير.. فرفع أسعار البنزين ل65 ليرة لا يوجد له أي سبب في ظل الأوضاع الراهنة.

وأوضح مرعي أن الفريق الاقتصادي قام بدراسة كل شيء لرفع أسعاره، إلا دراسة الوضع الاجتماعي للموظف والعامل، الذي يعاني من ثبات دخله في مواجهة ارتفاع أسعار معظم السلع والمواد في السوق، مشيراً إلى أن رفع سعر البنزين سيؤثر على أجور النقل المختلفة، سواء البضائع أو وسائل النقل العامة، إذ سترتفع أجور النقل، وبالتالي سيؤثر ذلك على أسعار السلع والمواد في السوق.

وأمل رئيس نقابة النفط بدمشق أن يأخذ الفريق الاقتصادي في حسبانه الجانب الاجتماعي للمواطن وقدرته الشرائية التي ضعفت كثيراً، منبهاً إلى أن المواطن يتحمّل الكثير في ظل الأزمة الراهنة التي تمر بها سورية ويجب مساعدته.. فلم يعد هناك تعويضات للعامل، والرواتب لم تعد تتناسب والأجور الشهرية، فيجب التركيز على الجانب الاجتماعي، لأنه ذو أهمية كبيرة كما هو الحال بالنسبة للجانب الاقتصادي.

خبير اقتصادي: لن يؤثر على السوق

بالمقابل أوضح خبير اقتصادي فضّل عدم ذكر اسمه في تصريحه ل(النور)، أن رفع أسعار حوامل الطاقة ليس السبب الرئيسي في رفع الأسعار في السوق المحلية، وأشار إلى أن رفع سعر البنزين لن يؤثر على السوق، وفي حال أثر فإنه سيؤثر قليلاً على أجور النقل. فالمرحلة الحالية التي نمر بها هي مرحلة الاقتصاد الإطفائي، والذي يرتكز هذا النوع من الاقتصاد على المعالجة الآنية للمشكلات التي تعترض عمله، سواء عدم توفر المادة أو المتاجرة بها، وهذا ما يحصل مع مادة البنزين.

وأوضح الخبير أنه في حال وُفرت المادة بعد رفع سعرها يعدّ أفضل من عدم رفع سعرها وهي غير متوفرة في السوق النظامية. فقد بلغ سعرها في السوق السوداء 100 ليرة لليتر.. وبالطبع السوق السوداء لها تأثير أكبر على المواطن من قرارات رفع الأسعار وبيع المادة بشكل نظامي.

ورأى الخبير الاقتصادي أن قرارات رفع الأسعار في ظل الظروف الراهنة هي مبادرة للقضاء على السوق السوداء، مؤكداً أن رفع سعر المازوت والبنزين وحوامل الطاقة ليس  مقياساً لارتفاع سعر المواد في السوق المحلية. إذ إن الدولار ارتفع بحدود 100%، إلا أن الأسعار في السوق المحلية ارتفعت بمقدار 300%، أي أن هذا الارتفاع لم يرتبط برفع سعر الدولار والمازوت والبنزين، بل هناك مجموعة من العوامل الأخرى أدت إلى هذا الارتفاع في الأسعار.

وكانت الوزارة قد رفعت قبل نحو شهرين سعر ليتر البنزين العادي في محطات الوقود من 50 ل.س إلى 55 ل.س، بنسبة زيادة مقدارها 16%، وقررت الحكومة السورية قبل ذلك رفع سعر ليتر مادة البنزين إلى 50 ل.س بدلاً 44 ل.س للتر الواحد.

ويبلغ استهلاك سورية من البنزين يومياً نحو 7 ملايين ليتر، أي نحو 5,2 مليار ليتر سنوياً، و توفر الحكومة عند رفع سعر اللتر الواحد 5 ليرات نحو 5,12 مليار ل.س. وتعاني سورية منذ أشهر أزمة خانقة في البنزين، أدت إلى انتشاره في السوق السوداء بسعر قد يصل إلى 80 ليرة، وسيؤدي هذا القرار بحسب المحلل الاقتصادي إلى وصول الليتر في السوق السوداء لأسعار تقترب من المئة ليرة.

تعليق: ضرورة متابعة تنفيذ القرارات

بعد عرض السابق نجد أن قرارات رفع الأسعار بالنسبة للمحروقات تتوالى من الحكومة، وكأنها تسعى لرفع الدعم عن حوامل الطاقة بشكل تدريجي.. ونحن هنا لا نلوم الحكومة في قيامها بذلك، لأن أسعار المازوت والبنزين في السوق السوداء هي ضعف أسعارها في السوق النظامية، وكما ذكر الخبير الاقتصادي أنه في حال توفرت المادة وقُضي على السوق السوداء، فإن رفع سعرها يعدّ جيداً.. ولكن السؤال هنا: هل حقاً قرارات رفع أسعار المحروقات ستقضي على السوق السوداء؟ ما لاحظناه هو أن المازوت مازال له سوق سوداء إلى الآن، ورفع وزارة التجارة الداخلية سعره لم يقض على هذه السوق.. وهنا نجد أن هناك خللاً في عملية متابعة القرارات الصادرة أو نقصاً في آليات التنفيذ من جميع الجوانب. فليست العبرة في إصدار القرارات الخاصة برفع الأسعار، بل العبرة في تتبع تنفيذها، وأن تكون محيطة بجميع الجوانب، واللوم يقع في عدم الاستفادة من قرار رفع سعر المازوت على وزارة التجارة الداخلية في متابعتها لواقع السوق السوداء والقضاء عليها.

العدد 1105 - 01/5/2024