غلاؤنا من صنع أيدي تجارنا.. وتراخي وزارة حماية مستهلكنا!

فوضى أسواقنا لا تُحتمل، والغلاء الذي يستحكم بها، من صنع أيدي التجار، وضعاف النفوس، والمحتكرين، ولايهم إن اعتبرنا أن بعض التجار هم من يقومون بذلك، لأن اتفاقاً مبطناً على ما يبدو، بين كبار التجار ووزارة التجارة الداخلية، يضع اللوم في قضية ارتفاع الأسعار، على تجار المفرّق، هذه الشريحة التي حسبما يقال آن أوان محاسبتها، وردع المخالفين منها، على ممارساتهم المخلة بالقوانين والأنظمة، ورفعهم لأسعار العديد من السلع والمنتجات، عبر زيادة نسبة أرباحهم إلى 50% وفقاً لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك.

وزير التجارة الداخلية لم يأت بجديد، فقبل فترة غير طويلة، رمى عدد من كبار التجار الكرة في ملعب تجار المفرق، وحمّلوهم مسؤولية رفع الأسعار، لكن، تناسى الجميع، أن كبار التجار ووزارة التجارة الداخلية يتحملون المسؤولية المباشرة عن ارتفاع الأسعار غير المنطقي، والمنفلت من أي ضوابط. فكبار التجار لا يقدمون أية فواتير نظامية لتحديد الأسعار بالشكل الموضوعي، بل يتهربون من ذلك، وفي بعض الأحايين يرفضون التعامل مع من يطلب فاتورة نظامية. من جهة ثانية، سعر كيلو الحمضيات لدى المزارع نحو خمس ليرات في أرض الحقل، بينما يباع بنحو 80 ليرة للمستهلك، ولايقل سعر الكيلو عن 60 ليرة في أسواق الهال، فمن يتحمل مسؤولية هذا الارتفاع، صغار التجار أم كبارهم؟

ولو افترضنا أن تجار المفرق يتحملون هذه المسؤولية، فماذا فعلت وزارة التجارة الداخلية لضبط الأسواق، ومحاسبة المخالفين؟ هل تقوم هذه الوزارة بدورها المنوط بها من خلال دوريات حماية المستهلك، التي لو بذلت المزيد من الجهود لمراقبة الأسواق، لتغيرت الصورة النمطية التي نعرفها عن هذه الدوريات، وتبدلت حالة الفلتان السائدة في الأسواق إلى ما هو أفضل بالتأكيد؟

ليست المشكلة فقط في تحديد من هي الشريحة المسؤولة عن ارتفاع الأسعار، بعيداً عن الأسباب الموضوعية، بل تكمن القضية في من يحاسب، ويراقب، ويحمي المستهلك  المواطن، الذي لم يعد بإمكانه سماع أصوات إضافية تبرر الغلاء، ولا تتخذ إجراءات رادعة للحد منه، ومعالجته.

 

العدد 1107 - 22/5/2024