من تاريخ البروباغندا المعادية للسوفييتش

 أين كانت لتكون البروباغندا المعادية للسوفييت من دون ستالين ككبش فداء؟ كانت ستكون معنا أيضاً بالتأكيد.. إنها سلاح فعال للغاية في ترسانة الحرب الطبقية يستخدمه أيديولوجيو الرأسمالية باستمرار. عندما كان الاتحاد السوفييتي موجوداً كتموا بصرامة الأنباء عن التحديث والإنجازات السوفييتية حيثما أمكن.. وعندما لم يكن ذلك ممكناً، كما في حال سبوتنيك أو الطائرات السوفييتية على سبيل المثال، لجؤوا إلى السخرية والافتراءات.

بدأ التضليل المعزز بعناية يظهر بعد أيام قليلة من الثورة.

كان لينين (عميلاً ألمانياً) وكانت السوفييتات (مجالس العمال والجنود) تزمع تدمير (طريق الحياة المسيحية في روسيا وفتح الجبهة للألمان). كانت هذه أول كذبة معادية للسوفييت، كانت هناك أكاذيب كثيرة أخرى بعد ذلك لعل أبرزها الأنباء المروعة عن أن (لينين يأكل الأطفال)، ولكن حين أدخل لينين السياسة الاقتصادية الجديدة (نيب) من أجل إعادة بناء الاقتصاد المدمر بعد الحرب العالمية والحرب الأهلية والتدخل الأجنبي المسلح (كانت روسيا باستمرار في حرب على أرضها من عام 1914 إلى1922) تغير طابع البروباغندا المعادية للسوفييت.

كان نيب في الأساس إدخال اقتصاد خليط، في الوقت الذي بنى فيه المجتمع الجديد البنية التحتية للبلد ووضع الأسس من أجل إحياء طاقته الصناعية، أخبر الرأسماليون العالم أن الثورة فشلت وأن لينين أدرك أن الاشتراكية لا يمكن أن تنجح.

توفي لينين في عام ،1924 بعد أعوام من العمل الشاق والتوتر المتواصل، كان عمره 54 عاماً فقط، ما مكّن البروباغندا الغربية من التأكيد بوقاحة أن خليفته في قيادة البلاشفة، أي ستالين، قد سمّمه.

هذا نوع من الافتراء الذي لا يحتاج إلى إثبات كي يكون فعالاً، ورُفض الدليل الطبي السوفييتي كـ(بروباغندا).

بدأ ستالين العمل على إنشاء زراعة متطورة على أساس تعاوني اشتراكي من أجل التمكن من إطعام القوى العاملة الصناعية التي سيعتمد عليها المجتمع الجديد. في السابق كان نحو 5 في المئة من أصل 25 مليون مزرعة فلاحية يعود للفلاحين الأغنياء (الكولاك)، ونحو 35 في المئة للفلاحين الفقراء (البقية للفلاحين المتوسطين). عمل الكولاك على تخريب عملية نشر التعاونيات بمساعدة عناصر معارضة ضمن الحزب البلشفي، بشكل رئيسي المعارضين اليمينيين واليساريين أنصار بوخارين وتروتسكي. عملت هذه العناصر المعادية للحزب الممولة والمدعومة بطرق أخرى من الخارج على إقناع الفلاحين بعدم ضم مزارعهم إلى مزارع الفلاحين الفقراء خشية معاملتهم على قدم المساواة مع العدد الكبير من الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً، بل أُقنعوا بذبح مواشيهم قبل الانضمام إلى مزرعة تعاونية، و(إلا سيأخذ البلاشفة ببساطة مواشيكم).. وعطلوا أيضاً زرع المحاصيل وسمموا لحم المواشي ونفذوا عموماً حرب عصابات سرية ضد السلطة السوفييتية والمساعي لبناء الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي.

وكانت النتيجة هي الجوع في بعض أجزاء البلد، والتقط دعاة الرأسمالية ذلك للتأكيد أنه لسبب غير قابل للتعليل صنع ستالين الجوع متعمداً. كان غرض البروباغندا إقناع العمال في الغرب بأن النظام السوفييتي يستند إلى الوحشية الإجرامية والإبادة الجماعية. كان التجويع (نوع الأشياء التي سيفعلها الشيوعيون).

وبعد أعوام قليلة، عندما قامت الحكومة السوفييتية بعمل حازم لتأمين جبهتها الداخلية، في مواجهة تحضيرات واضحة من قبل الحكومات الغربية لشن حرب جديدة ضد روسيا السوفييتية تكون ألمانيا النازية رأس حربتها، كانت تصفية الطابور الخامس موضوع بروباغندا غير مسبوقة ضد السوفييت، وكان خط البروباغندا هو أن ستالين (يصفّي أعداءه).

وعندما بات واضحاً أن السياسيين والدعاة الغربيين مصممون على إشعال حرب بين ألمانيا وروسيا لمصلحة بلدان غربية أخرى، ولهذا السبب لم تكن هناك فرصة لتشكيل تحالف ذي معنى ضد الفاشية، كان على القيادة السوفييتية شراء الوقت من خلال عقد معاهدة عدم اعتداء على ألمانيا. غضبت الحكومات الغربية وتقيأت البروباغندا عندها كل أنواع الكلام التافه مساوية بين هتلر وسالين.

قبل ذلك، لاقت المحاكمات العلنية لعناصر الطابور الخامس النازي في روسيا الهجاء اللاذع، ولكن النازيين كانوا يبحثون بنشاط عن متعاطفين مع النازية في كل أوربا (وخارجها)، كقادة مستقبليين للدول الدمى التي ستشكل الرايخ الألماني الأكبر ووجدوا دوق وندسور، النصير المشهور للنازية في بريطانيا، كيسلينغ في النروج، المارشال بيتان وبييرلافال في فرنسا، جوزف تيسو في سلوفاكيا، الأسرة الملكية اليونانية الألمانية المولد في اليونان، أنته بافيليتس في كرواتيا، وفي روسيا رئيس الحكومة المؤقتة قصيرة العمر قبل الثورة وجنرال الحرس الأبيض دينيكن وليون تروتسكي المنفي.

وعندما وصلت الحرب إلى روسيا كان هناك القليل من نشاط الطابور الخامس، ولكن حالما تمكن الجيش الأحمر من طرد جيش هتلر وأوصل الحرب إلى خاتمة ناجحة- بكلفة جهنمية- بدأت ثانية البروباغندا عن المحاكمات بصفتها (تطهيرات ستالين).

أملت ذلك في الحقيقة الضرورة الملحة لتحطيم صورة الاتحاد السوفييتي التي اكتسبت مكانة رفيعة جداً نتيجة أدائه في الحرب، وأحيا تشرشل نفسه خط غوبلز حول (ستار حديدي) يفترض أن الديكتاتور الشرير ستالين فرضه على أوربا وأيده السياسيون والإعلاميون الغربيون.

رفض ستالين تخويف السياسيين الغربيين وتهديداتهم باستخدام الأسلحة النووية التي احتكرتها الولايات المتحدة لسنوات عديدة، واعتمد على قوة حركة الطبقة العاملة في صدهم، في حين واصل الاتحاد السوفييتي دعم التغيير الثوري في أوربا الشرقية والصين والحركة المناهضة للاستعمار حول العالم وحركة الطبقة العاملة في كل مكان.

العدد 1105 - 01/5/2024