عيدٌ… بأية حال عدت يا عيد؟!
الشعب السوري عموماً شعب يبحث عن الفرح والسعادة، وعن أي مناسبة للتواصل وكسر الجليد، وسط ظروف قاسية صعبة، وسط جبال من الهم والألم والدموع والدماء.
جاء عيد الأضحى وسط هذه الآلام، والشعب السوري يبحث عن أي فرصة لكسر الواقع والانطلاق، كما في الماضي القريب، للمناسبات الدينية وغيرها والتي تعوّد فيها السوري على تجاوز المصاعب والمحن.. ولكن ورغم محاولة القفز فوق هذه الظروف، برزت ظروف أكثر صعوبة تتعلق بكيفية تأمين الأموال اللازمة للتهيئة لمناسبة كهذه، وسط فوران بركاني للأسعار التي لم تعرف ضابطاً ولا كابحاً، ولم تتحرك الجهات المعنية الموكلة لضبطه، ولا الجهات التنفيذية لأخذ القرارات المناسبة لإعادة الأسعار للمستوى الموازن العادل الذي يحقق سوية، ولو متدنية من المعيشة، رغم الاستقرار النسبي لسعر صرف الليرة السورية أمام الدولار لفترة طويلة وفق مؤشرات لهبوط متدحرج. فلو تحركوا بشكل صحيح لهبط إلى مستويات قياسية، ولكن فوجئنا بقرار رفع سعر البنزين، مفاجأة صاعقة قس ظروف غير مناسبة ومبررات غير مقبولة. هذا القرار أعطى جواً عاماً نفسياً وبيئة حارة أدت، وأدى للتأثير سلباً على الأسعار، وعلى عدم هبوط الدولار!
كيف ستستطيع الأسر السورية في المناطق الآمنة تأمين مستلزمات العيد، في ضوء عدم التدخل الصحيح للمؤسسات الحكومية، كمؤسسة الخزن والتبريد والمؤسسات الاستهلاكية، التي ما توقفنا عن مطالبتها بذلك، وهي تمتلك الحلول، ولكن هيهات منها الفعل الصحيح!؟ كيف سيكون العيد في ضوء وصول أسعار الحلويات إلى أسعار خيالية، وفي ضوء وصول أسعار لحم الفروج واللحوم عموماً إلى أرقام خيالية لم يتوقعها أحد، وفي ظل تفرج الجهات الرقابية، وفي ظل فيضان أسعار الخضار والفواكه، وفي ظل فوضى أسعار النقل؟ كيف سيستطيع المواطن العودة لأجواء العيد، في ضوء أسعار ملابس الأطفال التي يعجز عنها أصحاب الرواتب المستمرة، فكيف لمن فقد وظيفته أو من لا يستطيع راتبه أن يكفيه لعشرة أيام؟ وخاصة إذا ابتلي بشراء مستلزمات المدارس التي فاقت الخيال، فالدفتر بحدود 500 ل.س، وحقائب وبدلات.
مصروف أي أسرة من 4 أشخاص يتجاوز أضعافاً مضاعفة الرواتب، رغم الامتناع عن شراء الكثير من المواد، وتقليل الكميات، وعدم تحضير المونة! السوري حاول أن يتجاوز كل الآلام، وكل الدماء، ليصنع جو التواصل والمحبة والسعادة، وخاصة لجيل من الأطفال فوجئ بأجواء لم يعرف عنها شيئاً من الدماء والنزوح والحزن والألم والعنف. وحاولت أسرته إخراجه منها، ولكن فوجئ بشبح ووحش فاجر لا يستطع مواجهته بما يملكه من أموال.. وفوجئ بسكوت مفاجئ من الجهات التي كان يجب أن تتدخل إيجابياً بعرض هذه المواد بأسعار مناسبة أو بفرض الأسعار العادلة.
حاول السوري أن يستقبل العيد بصبر وبقوة وبأمل للفرج، ولكن الحكومة لم تعمل لتحقيق حلمه وإعطائه الوقود للوصول إلى هذا الحلم، الحلم الذي سيكون مهماً عرقل الفاسدون. لماذا يحاول البعض أن يجير الدماء التي سالت لحماية الوطن والمواطن، وكأنها مكافأة لحيتان الفساد ولتجار الأزمات؟ لماذا وهل سيقبل الشعب بنتائج كهذه؟ لا ندري، ولكن ما يمكن أن نقوله: عيد بأية حال عدت يا عيد؟