إجراءات حكومية دون معنى
لجأت الحكومة إلى إجراءات عديدة، كان الهدف منها لجم أسعار الأسواق وكبح جماح التجار المتلاعبين، ومن ضمن هذه الإجراءات إصدار نشرات تأشيرية تحدد أسعار المواد، وهي تختلف من محافظة إلى أخرى، لأسباب عديدة، منها عاملا الإنتاج والاستهلاك. ولكن، على الرغم من مرور أكثر من عام على البدء بإصدار هذه النشرات، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق المرجو منها، فبقيت حبراً على ورق، وبقيت تهديدات الجهات المعنية مجرد صراخ دون مجيب. وبقي المواطن السوري عالقاً بين فكّي كماشة، الغلاء الفاحش من جهة وجشع التجار من الجهة المقابلة، وما كان من المواطن الذي انخفضت قدرته الشرائية وتدنت قيمة عملته، إلا أن بدأ يرشّد استخدامه، واستغنى عن الكثير من الحاجات التي كانت من أساسياته في السابق، في ظل وجود قوانين عديدة لم تأخذ طريقها إلى حيز التطبيق، وخاصة أن الأسعار تتعلق بمزاجية البائع، الذي يردد لسان حاله: (اشترِ من النشرة)!
لقد بات المواطن يعيش اليوم سلسلة من المفاجآت في الأسواق السورية، فالأسعار تختلف من بائع إلى آخر ومن دكان إلى آخر يجاوره، ولا رقيب ولا حسيب، إلا عين الله ورقابة التجارة الداخلية الغائبة أو غير الفاعلة، التي يحق لنا مع هذا الوضع أن نتساءل: هل النشرة التأشيرية لخفض الأسعار أم لرفعها؟
فوفق النشرة التأشيرية الأخيرة التي أصدرتها وزارة التجارة الداخلية، حددت مثلاً سعر الخيار البلدي نخب أول، 110 ليرات، ونوع ثاني 90 ليرة، إلا أنه يباع في السوق بحدود130ل.س. والبطاطا كذلك حدد سعرها 135 ليرة، و110 ليرات للنوع الثاني، ولكن سعرها يتراوح بين 155و175 ويختلف حسب المنطقة. وكذلك البندورة التي يزيد سعرها في الأسواق عن النشرة بحدود 20 ليرة. والبرتقال أبو صرة يرتفع عنها بنحو 15ليرة.
كما حددت النشرة أسعار الفروج وأجزائه والبيض، فالفروج الحي حُدد سعره بـ 485 ل.س/كغ، وكيلو الفروج المذبوح المنظف دون رأس ورئة بـ 675 ل.س.
أما صحن البيض وزن 1801غ، فما فوق، فقد حددت الوزارة سعره بـ700 ل.س، وسعر صحن البيض وزن 1651-1800غ بـ695 ل.س، وصحن البيض من وزن 1501-1650 غ بـ690 ل.س، والصحن بوزن 1231- 1500غ بـ685 ل.س، والصحن بوزن أقل من 1230غ بسعر 680 ل.س، ولكن لماذا يبيع التجار البيض للمواطن دون استخدام الميزان، ويحدد الصحن بسعر وسطي 750ليرة، ويصل في بعض المناطق إلى 800ل.س، وسعر البيضة الواحدة بالمفرق 30ل.س؟
كذلك هو حال لحمة الغنم، إذ يتراوح سعرها ما بين 2300و2700 للكيلو الواحد، أيضاً لحم العجل الذي يتراوح ما بين 1600- 1800 ل.س/كغ.
والقائمة تطول وتختلف أسعارها، ولكنها تتفق على عدم التقيد بأسعار النشرة التي مازالت حتى اليوم مجرد قرار شكلي لم ينعكس بعد على أرض الواقع، على الرغم من الإصرار على التمسك بمقولة (هذه الأسعار للأصناف تعدّ سقفاً أعلى لا يجوز تجاوزه، ويمكن البيع بسعر أقل منه)، وكل المعطيات تدل على فشل النشرة في تحقيق غايتها المنشودة في ضبط الأسواق، أو الحدّ من ارتفاعات الأسعار بالاتفاق مع التّجار والفعاليات الاقتصادية.
وفي الختام.. مادامت النشرة بعيدة عن الأسواق، فستبقى مجرد أرقام لا معنى لها، وسيستمر الخط البياني للأسعار في اندفاعه باتجاه الأعلى، إن لم تتوفر الوسائل والإرادة القوية لفرضها، وإجبار أصحاب النفوس الجشعة على التقيد بها.
المواطنون السوريون اكتووا بنار الغلاء، والحكومة مازالت تصدر النشرات.. وتتفرج!